مقدمة الطبعة الأولى
من أخطر القضايا التى جابهت الإسلام والمسلمين قضية إعجاز القرآن ، لقد دلف منها المغرضون يبغون تحطيم العقيدة وقدسية الوحى وروعة الجهاد ، منادين : أن هذا القرآن غير معجز ، وليس وحيا ، ولا يختلف عن الكتب الدينية الأخرى فى شىء.
واندفع علماء المسلمين ، من لغويين ومفسرين ومتكلمين يدافعون عن القرآن ، كلّ بما أوتى من سلاح ، ودارت معركة ضارية ولأن المهاجمين كانوا من عتاة المفكرين المتزودين بالثقافات الأجنبية المختلفة ، تصدى لمجادلتهم علماء الكلام الذين استطاعوا بقدرتهم على الجدل وتعمقهم إلى أسرار دينهم ، أن يحطموا الهياكل المزيفة ويبدّدوا الإظلام الخادع ويرفعوا كلمة الله عالية.
لقد تركت لنا هذه العقول الجبارة تراثا غنيا فخما ، جمع بين الفن الجميل والفلسفة المعقدة ، بين الحوار الرائع والنتائج المفحمة ، فأثروا ميدان النقد والبلاغة بما انتهوا إليه من حقائق ودراسات ممتازة.
والمعروف أن علماء الكلام منهم الشيعى والخارجى والمرجئى والصّوفى والمعتزلى والأشعرى ، ولكنى بعد أن درست طبيعة فكر هؤلاء المتكلمين خصّصت كلامى بالمعتزلة والأشاعرة ، لأن الشيعة قد امتازت عن سائر فرق المسلمين بالقول بالإمامة ، وهو فرق جوهرى أصلى ، بينما قصارى أمر الإمامة أنها قضية مصلحية اجتماعية ولا تلحق بالعقائد ، فالشيعة حزب دينى يسعى للخلافة ولا شأن له بالعقائد وقضاياها إلا عرضا ، وقضية الإعجاز القرآنى من أهم قضايا العقائد ، ولا صلة لها بالحكم والسعى إليه.
والخوارج قد رفضوا حجج الشيعة فى الخلافة ، فهما فى صعيد واحد بالإضافة إلى أننا نجد عند الشيعة ما يسمّى بعلم الظاهر والباطن ، وبالمصحف الشيعى ،