لأفعاله (١) بينما قسم الأشاعرة الفعل الواحد من أفعال العباد ، بين الله تعالى والعبد «يشتركان فيه فيقع التعاون بينهما ويكون الله هو المعين للعبد على أفعاله لأنه تعالى لا يحتاج فى أفعاله الخاصة إلى معين (٢). ثم دعوا عمل الله خلقا وايجادا واختراعا ودعوا عمل العبد كسبا» (٣).
وبعد ـ فهذه دراسة ، لم أقصد منها سوى الإشارة إلى مناحى التفكير عند كل من المدرستين وليس من عملى هنا أن أناقش الرأيين (٤) ولكنى قصدت أن أقدم لآراء المعتزلة والأشاعرة فى الأعجاز بمقدمة فى أصل آرائهم الكلامية ، التى منها صدرت أفكارهم فى بحوثهم حين عالجوا القضية.
وأينما نلتقى بفكرة جديدة فى الأعجاز ، فمن السهل علينا أن نرجعها إلى أصلها فى مبادئهم حتى يتصل الأمر. ولنرى فى النهاية محصّلة تلك الجهود التى بذلك فى الإعجاز ، تلك التى استفدت جهدا عظيما من علمائنا الأفذاذ ، ثم لنرى إلى أى مدى وصلوا فى بحوثهم ، وكيف انتهى بهم المطاف ، وما ذا استفادت دراسة الإعجاز من مدرستى المعتزلة والأشاعرة معا.
__________________
(١) القاضى عبد الجبار ـ تنزيه القرآن ـ ٣٥٤ و ٤٠٦.
(٢) الغزالى ـ الاقتصاد فى الاعتقاد ـ ٣٧ و ٣٩ ، والشهرستانى ـ نهاية الأقدام فى علم الكلام ـ ٦٧ إلى ٦٩ ، ٧٧ الى ٧٨. نشر الفريد جيوم ١٩٣٤ م.
(٣) الغزالى ـ الاقتصاد ـ ٣٩. الشهرستانى ـ نهاية الأقدام ـ ٧٤ و ٧٧ ، وانظر الدّوّانى فى شرح العقائد العضدية ، تحقيق الدكتور دنيا ، باسم «الشيخ محمد عبده بين الفلاسفة والكلاميين» ٢٦١.
(٤) انظر فى ذلك المقدمة التى كتبها الدكتور محمود قاسم لكتاب «مناهج الأدلة» لابن رشد ، وانظر الكتاب نفسه ، وكذا أحمد أمين فى ضحى الاسلام ٣ / ٦٩ ـ والدكتور حمودة غرابة فى ـ «الأشعرى» ـ والدكتور النشار فى نشأة الفكر الفلسفى فى الإسلام ـ وغيرها.