الله عزوجل قائلا للقول كن ، كان للقول قول ، وهذا يوجب أحد أمرين ، إما أن يؤول الأمر الى أن قول الله غير مخلوق ، أو يكون كل قول واقع بقول لا إلى غاية ، وذلك محال. وإذا استحال ذلك ، صح وثبت أن لله عزوجل قولا غير مخلوق» (١).
ولكن ما القديم فى القرآن؟ ألفاظه ومعانيه. أم المعانى والمدلولات فقط؟ يجيب الأشعرى «ولا يجوز أن يقال أن شيئا من القرآن مخلوق ، لأن القرآن بكماله مخلوق» (٢) وأما عن كلام الله تعالى ، فهو عند الأشاعرة قسمان : كلام نفسى وآخر لفظى ، يقول الدّوّانى «كذلك ، فلله تعالى صفة قديمة هى مبدأ كلامه النفسى المكون من كلمات رتبها فى علمه الأزلى بهذه الصفة وهذه الكلمات المرتبة بحسب وجودها العلمى أزلية أيضا ، لأنه لا تعاقب بينهما بحسب هذا الوجود حتى يلزم حدوثها ، وإنما تتعاقب حقا بحسب وجودها الخارجى وهى بحسب هذا الوجود كلام لفظى حادث ومخلوق ، وإنما يسمى كلام الله من حيث انطباعه على كلامه الأزلى (٣) ولا نزاع بين الأشعرى والمعتزلة فى حدوث الكلام اللفظى وإنما نزاعهم فى ثبات الكلام النفسى وعدمه» (٤).
وسنرى أثر هذه الفكرة الأشعرية عن القرآن فى دراستهم لإعجازه.
وهناك أوجه خلاف أخرى بين المدرستين فى صفات الله تعالى بالإضافة إلى كلامه ، وفى رؤيته ، كذا فى نظرية العدل الإلهى ، فبينما يرى المعتزلة أن الله تعالى لا يفعل القبيح ولا يخلّ بما هو واجب (٥) يرى الأشاعرة ، أن الله تعالى «يفعل ما يشاء. ويحكم بما يريد ، فالعدل وضع الشيء موضعه ، وهو التصرف فى الملك على مقتضى المشيئة والعلم» (٦) وقد ذهب المعتزلة إلى أن العبد قادر خالق
__________________
(١) الأشعرى ـ الإبانة عن أصول الديانة ـ ص ٣٠.
(٢) نفس المصدر ـ ٢٥.
(٣) الشيخ محمد عبده بين الفلاسفة والكلاميين ـ ١٨٨ و ١٨٩. تحقيق الدكتور سليمان دنيا الطبعة الأولى سنة ١٩٥٨ القاهرة.
(٤) نفس المصدر ـ ٥٨٨.
(٥) القاضى عبد الجبار ـ شرح الأصول الخمسة ـ ١٣٢.
(٦) الشهرستانى ـ الملل والنحل ـ ١ / ٤٢.