وما عداه من معجزات يعلم بأمرها بعد العلم بالنبوة ، ومن ثمّ جعلوها مؤكدة وزائدة فى شرح الصدور فيمن يعرفها من جهة الاستدلال (١) وطالما أننا لم نشاهد تلك المعجزات فطريقنا الوحيد لإثبات صحة نبوة النبى صلىاللهعليهوسلم. هو القرآن. لأن علم المخالف كعلم الموافق.
ولكن القرآن نفسه تعرض لنقد طائفة من الإمامية ادعت أن فيه تغييرا وتبديلا ، وأثبتوا فيه نقصانا وزعموا أن فى الأمة من غيّره وبدّله وحذف منه الزيادات الدالة ـ بزعمهم ـ على الأئمة وأحوالهم ، بينما كثير من الحشو وأهل الحديث ، يزعم أن القرآن متلقى فى أخبار الآحاد ، وأن عثمان بن عفان جمعه بعد أن كان متفرقا فى الصدور والقلوب ، وعمر بن الخطاب كانا يجمعان فى ذلك الآية والآيتين ، حتى دوّناه فى المصحف وضمّاه بعد الانتشار وألّفاه ، وليس ذلك فحسب فقد وقع الاختلاف بين الصحابة حتى جرى على «عبد الله بن مسعود» ما جرى وحتى وقع الخلاف فى المعوّذتين ، وفى سورتى القنوت وفى آية الرجم وفى غير ذلك (٢).
فكيف سيعتبر القرآن حجة قوية تستطيع أن تثبت به المعتزلة نبوة النبى صلىاللهعليهوسلم!؟ إذن. فنقطة البدء أن تهدم هذه الادعاءات ثم تبنى الدعاوى الجديدة مكانها على بينة وفى جلاء. وفى معنى أدق أصبح على المعتزلة أن يسيروا حسب منهج واضح حتى يستطيعوا إيصال حجج الإسلام إلى معاقل أعدائه وهدم هرائهم بها. وكان ذلك.
واتبع المعتزلة لاثبات الأعجاز ثلاثة طرق :
أولا : تفنيد أكاذيب المغرضين :
يقول الخياط عن المعتزلة «وهل يعرف أحد صحّح التوحيد وثبّت القديم جل
__________________
(١) القاضى عبد الجبار ـ المغنى (إعجاز القرآن ج ١٦ / ١٥٢) الطبعة الأولى دار الكتب بتقديم أمين الخولى.
(٢) انظر فى هذا ـ ابن قتيبة ـ تأويل مشكل القرآن ٢٤ وما بعدها. والخطابى بيان إعجاز القرآن ـ ٣٤ وما بعدها. تحقيق محمد خلف الله أحمد والدكتور زغلول سلام ط دار المعارف ذخائر العرب ١٦.
والقاضى عبد الجبار ـ إعجاز القرآن ١٦ / ١٥٣.