ذكره واحدا فى الحقيقة ، واحتج لذلك بالحجج الواضحة وألف فيه الكتب ورد على أصناف الملحدين من الدهرية والثنوية سواهم» (١).
ثانيا : إثبات نبوة النبى وصدق معجزاته وبخاصة القرآن الكريم :
وذلك عن طريق المجالس والمناقشات المفتوحة ، ثم عن طريق تأليف الكتب (٢) وقد استنفد هذا الجانب جزءا كبيرا من علم الكلام ، إذ قام الجدل فى النبوة والأعجاز ـ على المبادئ الفلسفية المجردة معتمدا على الثقافة الواسعة والمهارة فى المناظرة والدّربة على إفحام الخصم بالحجج. وكان كل هذا فى دائرة أصولهم الخمسة التى اتخذوها علما على كل معتزلى.
ثالثا : إكمال الجانب الكلامى فى إثبات الأعجاز بآخر بلاغى :
معتمدين فيه على التوسع فى التأويل المجازى ، جانحين ناحية الذوق ، وتلمس مواطن الجمال ، والدقة فى التعبير مع البعد عن التكلف ، مراعين فى ذلك الأثر النفسى فى المستمع أو القارئ.
وقد خلفوا لنا تراثا ضخما فى بيان الإعجاز وفى تفسير القرآن وفى أساليب البلاغة.
النّظّام وإعجاز القرآن :
هو إبراهيم بن سيّار النّظّام (ت ٢٣١ ه) قال عنه الجاحظ «ما رأيت أحدا أعلم بالكلام والفقه من النّظّام» (٣) وقد حفظ القرآن والإنجيل والتوراة
__________________
(١) الخياط ـ الانتصار ـ ١٧.
(٢) يقول عمر الباهلى «قرأت لواصل الجزء الأول من كتاب الألف مسألة فى الرد على المانوية ، ويقول : فأحصيت فى ذلك الجزء نيفا وثمانين مسألة ، ويقال أنه فرغ من الرد على مخالفيه وهو ابن ثلاثين سنة.» (ابن المرتضى ـ المنية والأمل ـ ٢١) ويحكى ابن المرتضى : ان مناظرات أبى الهذيل مع المجوس والثنوية وغيرهم طويلة ممدودة ، وكان يقطع الخصم بأقل كلام ، يقال أنه أسلم على يده زيادة على ثلاث آلاف رجل (ابن المرتضى ـ المنية والأمل ـ ٢١) وانظر أيضا القاضى عبد الجبار فى ـ تنزيه القرآن ـ وذلك فى رده على المشبهة ، ٤١٤ و ٤٣٢ و ٤٣٦ وغيرها. وكتابه إعجاز القرآن ١٤٤ و ١٥٤ وكتابه متشابه القرآن ٥ و ٨ و ٢٦ و ٧٢ وغيرها .. إلى غير ذلك.
(٣) ابن المرتضى ـ المنية والأمل ـ ٣٠.