(زَوْجَها) حواء ، والزوج في كلام العرب : امرأة الرجل ، ويقال زوجة ، ومنه بيت أبي فراس : [الطويل]
وإنّ الذي يسعى ليفسد زوجتي |
|
كساع إلى أسد الشّرى يستبيلها |
وقوله (مِنْها) ، قال ابن عباس ومجاهد والسدي وقتادة : إن الله تعالى خلق آدم وحشا في الجنة وحده ، ثم نام فانتزع الله أحد أضلاعه القصيرى من شماله ، وقيل : من يمينه فخلق منه حواء ، ويعضد هذا القول الحديث الصحيح في قوله عليهالسلام : «إن المرأة خلقت من ضلع ، فإن ذهبت تقيمها كسرتها» وكسرها طلاقها. وقال بعضهم : معنى (مِنْها) من جنسها ، واللفظ يتناول المعنيين ، أو يكون لحمها وجواهرها من ضلعه ، ونفسها من جنس نفسه ، و (بَثَ) معناه : نشر ، كقوله تعالى : (كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) [القارعة : ٤] أي المنتشر ، وحصره ذريتها إلى نوعين الرجال والنساء مقتض أن الخنثى ليس بنوع ، وأنه وإن فرضناه مشكل الظاهر عندنا ، فله حقيقة ترده إلى أحد هذين النوعين ، وفي تكرار الأمر بالاتقاء تأكيد وتنبيه لنفوس المأمورين. و (الَّذِي) في موضع نصب على النعت ـ و (تَسائَلُونَ) معناه : تتعاطفون به ، فيقول أحدكم : أسألك بالله أن تفعل كذا وما أشبهه وقالت طائفة معناه : (تَسائَلُونَ بِهِ) حقوقكم وتجعلونه مقطعا لها وأصله : «تتساءلون» ، فأبدلت التاء الثانية سينا وأدغمت في السين ، وهذه قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وابن عمرو ، بخلاف عنه ، وقرأ الباقون ـ «تساءلون» ـ بسين مخففة وذلك لأنهم حذفوا التاء الثانية تخفيفا فهذه تاء تتفاعلون تدغم في لغة وتحذف في أخرى لاجتماع حروف متقاربة ، قال أبو علي : وإذا اجتمعت المتقاربة خففت بالحذف والإدغام والإبدال كما قالوا : طست فأبدلوا من السين الواحدة تاء ، إذ الأصل طس : قال العجاج : [الرجز]
لو عرضت لأيبليّ قسّ |
|
أشعث في هيكله مندسّ |
حنّ إليها كحنين الطّسّ
وقال ابن مسعود ـ «تسألون» ـ خفيفة بغير ألف ، و (الْأَرْحامَ) نصب على العطف على موضع به لأن موضعه نصب ، والأظهر أنه نصب بإضمار فعل تقديره : واتقوا الأرحام أن تقطعوها ، وهذه قراءة السبعة إلا حمزة ، وعليها فسر ابن عباس وغيره ، وقرأ عبد الله بن يزيد ـ والأرحام ـ بالرفع وذلك على الابتداء والخبر مقدر ، تقديره : والأرحام أهل أن توصل ، وقرأ حمزة وجماعة من العلماء ـ «والأرحام» ـ بالخفض عطفا على الضمير ، والمعنى عندهم : أنها يتساءل بها كما يقول الرجل : أسألك بالله وبالرحم ، هكذا فسرها الحسن وإبراهيم النخعي ومجاهد ، وهذه القراءة عند رؤساء نحويي البصرة لا تجوز ، لأنه لا يجوز عندهم أن يعطف ظاهر على مضمر مخفوض ، قال الزجاج عن المازني : لأن المعطوف والمعطوف عليه شريكان يحل كل واحد منهما محل صاحبه ، فكما لا يجوز : مررت بزيدوك ، فكذلك لا يجوز مررت بك وزيد ، وأما سيبويه فهي عنده قبيحة لا تجوز إلا في الشعر ، كما قال : [البسيط]
فاليوم قد بتّ تهجونا وتشتمنا |
|
فاذهب فما بك والأيّام من عجب |
وكما قال : [الطويل]
نعلّق في مثل السّواري سيوفنا |
|
وما بينها والكعب غوط نفانف |