القرآن الكريم ، وكون بغضهم والعداوة لهم وجفاءهم وقطعيتهم مرض يعري القلوب ويسلبها الإيمان ، هو أن المودّة للقربى ميزان ومعيار لتعديل الصحابي ، وبغض ذوي القربى والمصادمة معهم ميزان ومعيار لجرح الصحابي ، فهذا الضابط يتطابق مع ما تقدّم من الموازين والمعايير التى مرّت بنا في الحلقات السابقة.
ومن ذلك قول الصدّيقة الزهراء عليها السلام بإن الهجرة كوصف للصحابي أنّما تنطبق عليه لا لكون معناها انتقال البدن من مكان إلى مكان كسفر جغرافي ، بل الهجرة إنّما هي بالهجرة إلى أهل البيت عليهم السلام ، لا الابتعاد عنهم ، وأنّ المدار على الموالاة والمتابعة لرسول الله وأهل بيته ، لا المعاداة لهم والمخالفة ، والهجرة تحققت بهم ، والنصرة بنصرة الله ورسوله وذي القربى ، فلا هجرة إلاّ إليهم لا إلى غيرهم ، ولا نصرة ومودّة وموالاة إلاّ لهم لا عليهم ، ولا إتّباع بإحسان إلاّ بإتباع سبيلهم ، وما أسألكم عليه من أجر إلاّ ـ وهو المودة في القربى ـ من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً ، كما مرّ بنا قول علي عليه السلام : «أنّ الصدّيق من صدّق بحبهم وأبطل باطل عدوهم ، والفاروق من فرّق بينهم وبين عدوهم» (١) ، وأنّ من ترك الهجرة إليهم يتعرّب ، وأنّ من يترك المودّة والموالاة لهم يتحزّب.
فهذه وقفة يلزم إعطاءها الإمعان التّام في مبحث عدالة الصحابة.
للبحـث صلـة ...
____________
(١) نهج البلاغة : كتاب ٤٩. ط مؤسسة الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه ـ.