قال إبراهيم : فمن يعلم أنّ هذا كتابه؟! فشهد جماعة ممّن معه بذلك ، منهم : يزيد بن أنس ، وأحمر بن شُمَيْط ، وعبـد الله بن كامل ، وسكت الشعبي وأبوه ، فتأخّر إبراهيم عند ذلك عن صدر الفراش وأجلس المختار عليه ، وبايعه إبراهيم.
فقال المختار : أتأتينا أو نأتيك في أمرنا؟!
فقال إبراهيم : بل أنا آتيك كلّ يوم ، ودعا بفاكهة وشراب من عسل ، فأكلوا وشربوا وخرجوا ، فخرج معهم ابن الأشتر وركب مع المختار ، ثمّ رجع إبراهيم ومعه الشعبي إلى دار إبراهيم ، فقال له : إنّي قد رأيتك لم تشهد أنت ولا أبوك ، أفترى هؤلاء شهدوا على حقّ؟!
قال له الشعبي : قد شهدوا على ما رأيت ، وهم سادة القرّاء ، ومشيخة المصر ، وفرسان العرب ، ولا أرى مثل هؤلاء يقولون إلاّ حقّاً.
قال الشعبي : قلت له هذه المقالة وأنا والله لهم على شهادتهم متّهم غير أنّه يعجبني الخروج ، وأنا أرى رأي القوم ، وأُحبّ تمام ذلك الأمر ، فلم أُطلعه على ما في نفسي.
ثمّ كتب إبراهيم أسماءهم وتركها عنده.
وكان إبراهيم ـ رحمه الله تعالى ـ ظاهر الشجاعة ، واري زناد الشهامة ، نافذ حدّ الصرامة ، مشمّراً في محبّة أهل البيت عليهم السلام عن ساقيه ، متلقّياً غاية النصح لهم بكلتا يديه ، فجمع عشيرته وإخوانه ومن أطاعه ، وأقبل يختلف إلى المختار كلّ عشيّة عند المساء في نفر من مواليه وخدمه يدبّرون أُمورهم فيبقون عامّة الليل.
وكان حميد بن مسلم الأسدي صديقاً لإبراهيم بن الأشتر ، فكان يذهب به معه إلى المختار ، واجتمع رأيهم على أن يخرجوا ليلة الخميس