إذا مرّ بهم عمر بن سعد قالوا : هذا قاتل الحسين عليه السلام ، وذلك قبل أن يقتله.
وقال ابن سيرين : قال عليّ عليه السلام لعمر بن سـعد : كيف أنت إذا قمت مقاماً تُخيّر فيه بين الجنّة والنار فتختار النار؟! انتهى.
ثمّ إنّ المختار قال يوماً لأصحابه : لأقتلنّ غداً رجلاً عظيم القدمين ، غائر العينين ، مشرف الحاجبين ، يهمز (١) الأرض برجله ، يسرّ قتله المؤمنين والملائكة المقرّبين.
وكان عنده الهيثم النَخـعي فوقع في نفسه أنّه يريد عمر بن سعد ، فبعث ولده العُريان إلى ابن سـعد يعرّفه ذلك ، فقال ابن سـعد : جزى الله أباك خيراً ، كيف يقتلني بعد العهود والمواثيق؟!
ثمّ إنّ عمر بن سـعد خرج ليلاً فأتى حمّامه (٢) ، وأخبر مولىً له بما كان من أمانه ، وبما بلغه عن المختار.
فقال له مولاه : وأيّ حدث أعظم ممّا صنعت؟! تركت أهلك ورحلك وأتيت إلى هنا ، ارجع ، ولا تجعل للرجل عليك سبيلاً ، فرجع إلى منزله.
وجاء الخبر إلى المختار بخروجه ، فقال : كلاّ ، إنّ في عنقه سلسلة سـتردّه.
____________
(١) هَمَزَه : دفعه وضربه. لسان العرب ٥ / ٤٢٦ مادّة «همـز».
وفي ذوب النضار : يهمر ؛ وهَمَرَ الفرسُ الأرضَ : ضربها بحوافره شديداً. المعجم الوسيط ٢ / ٩٩٣ مادّة «همـر».
(٢) كذا وجدناه في بعض الكتب ، وسيأتي بعد أسطر : فلمّا كان عند «حمّام عمر» ؛ والظاهر أنّه اسم موضع ، والذي كتب : «حمّامه» ظنّ أنّ المراد بعمر في قولهم : «حمّام عمر» هو عمر بن سعد فأضاف «حمّام» إلى ضميره ، ولكنّا لم نجد مكاناً يسمّى «حمّام عمر» ، ويمكن كونه «حمّام أعين» بالكوفة ، ذكره في الأخبار مشهور منسوب إلى أعين مولى سعد بن أبي وقّاص. (منه).