قال : كنت آخذاً بخطام ناقة رسول الله صلّىٰ الله عليه [ وآله ] وسلّم أقود به ، وعمّار رضياللهعنه يسوق الناقة حتّىٰ إذا كنّا بالعقبة وإذا اثني عشر راكباً قد اعترضوه فيها ، قال : فانتهت إلىٰ رسول الله صلّىٰ الله عليه [ وآله ] وسلّم فصرخ بهم فولّوا مدبرين » (١) .
وقال الفخر الرازي في تفسيره الكبير ـ بعد أن ذكر أسباباً أُخرىٰ لنزول هذه الآيات ـ : « قال القاضي : ( يبعد أن يكون المراد من الآية هذه الوقائع ؛ وذلك لأنّ قوله : ( يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ ) إلىٰ آخر الآية ، كلّها صيغ الجموع ، وحمل صيغة الجمع علىٰ الواحد ، خلاف الأصل .
فإن قيل : لعلّ ذلك الواحد قال في محفل ورضي به الباقون .
قلنا : هذا أيضاً خلاف الظاهر ؛ لأنّ إسناد القول إلىٰ من سمعه ورضي به خلاف الأصل . .
ثمّ قال : بلىٰ الأوْلىٰ أن تُحمل هذه الآية علىٰ ما روي : أنّ المنافقين همّوا بقتله عند رجوعه من تبوك ، وهم خمسة عشر تعاهدوا أن يدفعوه عن راحلته إلىٰ الوادي إذا تسنّم العقبة بالليل ، وكان عمّار بن ياسر آخذاً بالخطام علىٰ راحلته وحذيفة خلفها يسوقها ، فسمع حذيفة وقع أخفاف الإبل وقعقعة السلاح ، فالتفت فإذا قوم متلثّمون ، فقال : إليكم إليكم يا أعداء الله ، فهربوا . .
والظاهر أنّهم لمّا اجتمعوا لذلك الغرض ، فقد طعنوا في نبوّته ونسبوه إلىٰ الكذب والتصنع في إدّعاء الرسالة ، وذلك هو قول كلمة الكفر .
__________________
(١) ذيل الكشّاف ٢ / ٢٩٢ .