والطريق الثاني : مناقشة مدلول الحديث ..
ولكنّها مناقشات باطلة ، ومحاولات ساقطة ، ولذا احتاجوا إلى سلوك الطرق الأُخرى.
الطريق الثالث : تحريف لفظ الحديث والتلاعب بمتنه ..
كقول بعض النواصب : إنّ كلمة : «عليّ» فيه ليس عَلَماً ، وإنّما هو وصفٌ بمعنى العلوّ ؛ فمدينة العلم عالٍ بابها. لكنّه بلغ من السخافة حدّاً جَعلَ بعض علمائهم يردّه ويبطله ، كابن حجر المكّي وغيره (١) ..
وكزيادة آخرين فيه بفضائل لغيره ، فقد جاء في بعض كتبهم : «أنا مدينة العلم وأبو بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعليّ بابها» ، وقد نصّ العلماء على سقوطه ، كالسخاوي الحافظ ؛ إذ قال : «كلّها ضعيفة ، وألفاظ أكثرها ركيكة» (٢).
الطريق الرابع : تحريف الكتب ..
فإنّهم لمّا رأوا أنّ هذا الحديث قويٌ في دلالته ، ووجوده في الكتب المعتبرة يسبّب صحّة استدلال الإمامية به ، قاموا بتحريف الكتب .. ومن ذلك صحيح الترمذي ، فإنّ حديث : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» نقله جماعة من أكابر القوم ، كابن تيمية ، وابن الأثير ، وابن حجر ، وغيرهم ، عن الكتاب المذكور ، ولكنّه غير موجود فيه الآن.
____________
(١) المنح المكّية في شرح القصيدة الهمزية : ٣٠٤ ، فيض القدير ٣ / ٤٦.
(٢) المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة : ٤٧.