وإنّكم مسؤولون (١) ، فماذا أنتم قائلون؟!
قالوا : نشهد أنّك قد بلّغت وجاهدت ونصحت ، فجزاك الله خيراً.
فقال : أليس تشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّ جنّته حقّ ، وأنّ ناره حقّ ، وأنّ الموت حقّ ، وأنّ البعث حقّ بعد الموت ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث مَن في القبور؟!
قالوا : بلى نشهد بذلك (٢).
قال : اللّهمّ اشهد.
ثمّ قال : يا أيّها الناس! إنّ الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أوْلى بهم من أنفسهم (٣) ، فمَن كنت مولاه ، فهذا مولاه ـ يعني عليّاً ـ اللّهمّ والِ
____________
ومسؤول عنه ، فلا سبيل له إلى تركه ..
وقد أخرج الإمام الواحدي في كتابه أسباب النزول ، بالإسناد إلى أبي سعيد الخدري ، قال : نزلت هذه الآية : (يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك) يوم غدير خمّ في عليّ بن أبي طالب.
(١) لعلّه أشار بقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : وإنّكم مسؤولون ، إلى ما أخرجه الديلمي وغيره ـ كما في الصواعق وغيرها ـ عن أبي سعيد إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : (وقفوهم إنّهم مسؤولون) عن ولاية عليّ ، وقال الإمام الواحدي : (إنّهم مسؤولون) عن ولاية عليّ وأهل البيت ، فيكون الغرض من قوله : وإنّكم مسؤولون ، تهديد أهل الخلاف لوليّه ووصيّه.
(٢) تدبّر هذه الخطبة ، من تدبّرها وأعطى التأمّل فيها حقّه ، فعلم أنّها ترمي إلى أنّ ولاية عليّ من أُصول الدين ، كما عليه الإمامية ؛ حيث سألهم أوّلاً ، فقال : أليس تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله؟! إلى أن قال : وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور ، ثمّ عقّب ذلك بذكر الولاية ليعلم أنّها على حدّ تلك الأُمور التي سألهم عنها فأقرّوا بها ، وهذا ظاهر لكلّ من عرف أساليب الكلام ومغازيه من أُولي الأفهام.
(٣) قوله : وأنا أوْلى ، قرينة لفظية ، على أنّ المراد من المولى إنّما هو الأوْلى ، فيكون