بالمعروف وينهَوْن عن المنكر) (١).
وقال تعالى : (لُعِنَ الّذين كفروا من بني إسرائيلَ على لسان داودَ وعيسى ابنِ مريمَ ذلك بما عَصَوْا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهَوْن عن منكرٍ فعلوه) (٢) ..
ولا ريب في أنّ النهي عن منكر تبرّي منه ، والواجب في النهي عن المنكر أن يكون بنكرانه في القلب أوّلاً وبالسعي في إزالته ثانياً ، كما أنّ الواجب في الأمر بالمعروف برضاه وحبّه في القلب أوّلاً وبالسعي لاِقامته ثانياً ، ومن أحبّ عمل قوم أُشرك معهم ؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم : «مَن شهد أمراً فكرهه كان كمَن غاب عنه ، ومَن غاب عن أمر فرضيه كان كمَن شهده» (٣).
فالتولّي للمعروف بالقلب والعمل فريضة ركنية ، والتبرّي من المنكر بالقلب والعمل فريضة ركنية ، ومن أعظم المعروف معرفة الحقّ ، ومن أعظم المنكر جحود الحقّ والإقرار بالباطل ؛ فظهر أنّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائم على التولّي والتبرّي ..
ولا يخفى أنّ لتولّي المعروف والحقّ والأمر به ، وللتبرّي من الباطل والمنكر والنهي عنه ، درجات وأساليب ومقامات مشروحة في محالّها ، فليس النهي عن المنكر والتبرّي من الباطل يعني أُسلوب الحدّة والشدّة بل قد يكون اللين والموعظة الحسنة أنفع وأنجع في إزالة الباطل والمنكر ، إلاّ أنّ الخلط والتشويش يقع بين كيفية أُسلوب اللين وبين استحسان المنكر واستنكار المعروف ، أو بين المداراة وبين الرضا بالباطل ، وكذلك بين مقام
____________
(١) سورة التوبة (براءة) ٩ : ٧١.
(٢) سورة المائدة ٥ : ٧٨ ـ ٧٩.
(٣) وسائل الشيعة : أبواب الأمر والنهي ب ٢ ح ٥.