والحاصل : إنّ سياسة الوحدة لم تبن على بصيرة منهجية ، آخذة في عين الاعتبار درجات وأقسام الطوائف الإسلامية الموجودة ، وإرساء منهج يستند على أولويات مدروسـة.
وكم فرق بين مَن يُبطن المحبّة لك وبين مَن يُبطن العداوة والبغضاء ؛ قال تعالى : (يا أيُّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا بطانةً من دونكم لا يأْلونَكم خبالاً ودّوا ما عنتّم قد بدت البغضاءُ من أفواههم وما تُخفي صدورهم أكبرُ قد بيّنّا لكم الآياتِ إنْ كنتم تعقلون * ها أنتم أُولاءِ تحبّونهم ولايحبّونكم وتؤمنون بالكتاب كلّه ...) (١) ..
وقال تعالى : (كيف وإن يظهروا عليكم لا يَرْقُبوا فيكم إلاًّ ولا ذمّةً يُرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم ...) (٢).
ولا يخفى أنّ الآيات المزبورة ليست في صدد تخشين العلاقة الخُلقية مع الآخرين المتّصفين بذلك كي يُتوهّم معارضتها بنظير قوله تعالى : (وقولوا للناس حسناً) (٣) ، وقوله تعالى : (ادفَعْ بالتي هيَ أحسنُ السيئةَ) (٤) ، بل هي في صدد بيان سياسة الانفتاح وبناء العلاقات الأساسية المعتمدة لبناء خطوات المستقبل من التحالفات في المجالات المختلفة.
الوحدة وحديث الفرقة الناجية :
إنّ الحديث المتواتر بين الفريقين عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّ أُمّتي ستفترق
____________
(١) سورة آل عمران ٣ : ١١٨ ـ ١١٩.
(٢) سورة التوبة ٩ : ٨.
(٣) سورة البقرة ٢ : ٨٣.
(٤) سورة المؤمنون ٢٣ : ٩٦.