ومن ذلك : تمسكهم بقوله تعالى : (عبس وتولّى * أن جاءه الأعمى) ..
قال الطبرسي في مجمع البيان ، والسيّد المرتضى : ليس في ظاهر الآية دلالة على توجّهها إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بل هو خبر محض لم يصرّح بالمخبر عنه ، وفيها ما يدلّ على أنّ المعني به غيره ; لأنّ العبوس ليس من صفات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مع الأعداء المباينين ، فضلا عن المؤمنين المسترشدين.
ثمّ الوصف بأنّه يتصدّى للأغنياء ، ويتلهّى عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة ، ويؤيّد هذا القول : قوله سبحانه في وصفه (صلى الله عليه وآله وسلم) : (وإنّك لعلى خُلُق عظيم) ، وقوله : (ولو كنتَ فظّاً غليظ القلب لانْفضّوا من حولك).
فالظاهر أنّ قوله : (عبس وتولّى) المراد به غيره ، وقد روي عن الصادق (عليه السلام) : «إنّها نزلت في رجل من بني أُمية ، كان عند النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فجاء ابن أُمّ مكتوم ، فلمّا رآه تقذّر منه وجمع نفسه ، وعبس وأعرض بوجهه عنه ، فحكى الله سبحانه ذلك وأنكره عليه» (١).
وروي أنّ العابس هو : عثمان (٢).
ثاني عشر : تمسّكهم بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّكم لتختصمون إليّ ولعلّ بعضكم ألحن بحجّته من بعض ، فمَن قضيت له بشيء من مال أخيه فلا يأخذه ، فإنّما أقطع له قطعة من النار» ، وذلك يدلّ على أنّه يقضي بما لا يكون حقّاً في نفس الأمر.
____________
(١) مجمع البيان ٥ / ٤٣٧.
(٢) نور الثقلين ٥ / ٥٠٨.