لكنّنا لا نرتضي جرّ هذا القول ـ وبالمعكوس ـ على ساحة الرسول الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والقول بأنّه كان يخطئُ أو يجتهد في الأحكام الشرعية ; لأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان متّصلا بالوحي ، يأخذ تعاليمه ومواقفه منه ، فلا حاجة به للاجتهاد والإفتاء طبق الظنّ والتخمين.
نعم ، إنّهم قالوا بهذا القول كي يرفعوا بضبع بعض الصحابة من خلال الهبوط بمنزلة ومستوى الرسول الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم) ; فتراهم يذهبون إلى أنّ الله تعالى عاتب رسوله على أخذ الفداء من أسرى بدر ، وأنّ العذاب قرب نزوله ، ولو نزل لَما نجا منه إلاّ عمر.
بهذه النصوص والأقوال أنزلوا الرسول المصطفى إلى منزلة رجل عادي ، يخطئ ويصيب ، ويسبّ ويلعن ، ثمّ يطلب الرحمة لمَن سبّهم.
وقد أجبنا عن هذه الافتراءات والترهات وأمثالها ـ شارحين كيفية نشوء فكرة اجتهاد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ومن ثمّ تأطُّر مدرسة الاجتهاد والرأي عند العامّـة ، والأسباب والدواعي الكامنة وراء تناقل مثل هذه الأقوال ـ في كتابنا منع تدوين الحديث ، فمن أحبّ فليرجع إليه.
إذاً يمكن للباحث ـ وبمطالعة سريعة لتاريخ صدر الإسلام ـ الوقوف على أُمور كثيرة صدرت من قبل الشيخين ، ومَن تبعهم من الخلفاء ، كعثمان ومعاوية و ... بُنيت على المصلحة الوهمية والرأي الشخصي ، وغالبها منافية للأُصول الإسلامية ..
كـ : رفع الخليفة الأوّل الرجم عن خالد بن الوليد مع ثبوت دخوله بزوجة مالك بن نويرة وهي في العدّة (١) ..
____________
(١) تاريخ الطبري ٢ / ٥٠٣ ، البداية والنهاية ٦ / ٣٥٥ ، أُسـد الغابة ١ / ٥٨٨ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٣٥٨.