منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي ; فإنّها موصولة في الدنيا والآخرة (١).
فنحن لو قسنا مدّعى عمر اليوم في الزواج مع ما قاله في نأنأة الإسلام وفي عزّته ، لحصلنا على نتائج لا ترضي محبّيه وأنصاره ، بل تشكّك الجميع في صحّة دعواه.
أمّا لو أحسنّا الظنّ بمدّعاه ، وقلنا : أنّه حقّاً كان يريد القرابة ; لأنّه عرف منزلتهم لمّا غضب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وهجّر بلال بالصلاة ..
فلنتساءل : لو كان عمر آمن بقول رسول الله ، وعرف أنّ قرابته تنفع في الآخرة ، مضافاً لِما لها من منزلة في الدنيا! فكيف به يحتجّ بالصحبة وقربه إلى رسول الله على الأنصار ـ كي يبعدهم عن الخلافة ـ ولا يرتضي أن يسلّم الخلافة إلى الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وهو أقرب المقرّبين إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، مع أنّ الإمام عليّاً ألزمه بما استدلّ به على الأنصار بقوله : واعَجَباهُ أَتَكُونُ الخِلافَةَ بِالصَّحابَةِ ولا تكون بِالصَّحابَةِ والقَرابَةِ؟
فإنْ كُنْتَ بِالشُّـورى مَلَكْتَ أُمورَهُمْ |
|
فَكَيْـفَ بِهذا والمُشيرونَ غُيَّـبُ |
وإِنْ كنْتَ بِالقُرْبى حَجَجْتَ خَصيمَهُمْ |
|
فَغَـيْرُكَ أَوْلى بِالـنَّبيِّ وأَقْـرَبُ (٢) |
بل كيف نقـبل دعـوى اهتمامه بالقرابة ، وهو لا يولّي أحداً منهم السرايا والبلدان أيام حكومته؟!
بل بمَ يمكن تصحيح مدّعاه ، وأنّه يريد بزواجه من أُمّ كلثوم التقرّب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق بنته فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، في حين نراه
____________
(١) مجمع الزوائد ٨ / ٢١٦.
(٢) نهج البلاغة ٤ / ٤٣ ـ ٤٤ باب : المختار من حِكم أمير المؤمنين (عليه السلام).