القرب والقرابة عنده في أوائل الإسلام ، وعدم وجود ميزة للقرابة عنده.
وإليك الآن صورة أُخرى تنبئك عن مدى اعتقاد عمر بمنزلة القربى واحترامه للقرابة ، تلك الصورة التي وجدناها في خبر تعامله مع صفيّة عمّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة المنوّرة ، وبعد أن قطع الإسلام شوطاً كبيراً واستحكم ، واستقرّت مفاهيمه العامّة استقراراً كبيراً ، والتي منها : وجوب مودّة ذي قُرباه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ومع ذلك لم يأبه عمر ..
فقد أخرج الهيثمي عن ابن عبّاس ، قال : توفّي ابنٌ لصفيّة عمّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فبكت عليه وصاحت ، فأتاها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لها : يا عمّة! ما يبكيك؟
قالت : توفّي ابني.
قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا عمّة! من تُوفّي له ولد في الإسلام فصبر ، بنى الله له بيتاً في الجنّة. فسكتت.
ثمّ خرجت من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاستقبلها عمر بن الخطّاب فقال : يا صفية! قد سمعت صراخك ، إنّ قرابتك من رسول الله لا تغني عنك من الله شيئاً. فبكت ، فسمعها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وكان يكرمها ويحبّها ـ فقال : يا عمّة! أتبكين وقد قلتُ لكِ ما قلتُ؟!
قالت : ليس ذلك أبكاني يا رسول الله ، استقبلني عمر بن الخطّاب فقال : إنّ قرابتك من رسول الله لن تغني عنك من الله شيئاً.
قال : فغضب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقال : يا بلال! هجّر بالصلاة.
فهجّر بلال بالصلاة ، فصعد النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) المنبرَ ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : ما بال أقوام يزعمون أنّ قرابتي لا تنفع ، كلّ سبب ونسب