لمدّعاه مجال من المصداقية.
نعم ، في نصوص أُخرى التصريح بأنّه أراد المصاهرة ; وإذا صحّ هذا المدّعى من عمر لكان الأوْلى به أن يسعى إلى تلك المصاهرة مع بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مباشرة من خلال إحدى بناته ، لا من خلال بنت بنته!
فكما كان عثمان ذا نورين كان يمكن لعمر أن يكون ذا نور واحد ، لكنّ التاريخ لم يحدّثنا أنّه حاول تلك المصاهرة من إحدى بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، غير فاطمة!!
نعم ، أقدم عمر على خطبة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ربّما منافسة لعليّ (عليه السلام) فرّده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وانتهى كلّ شيء (١).
هذا كلّه بغضّ النظر عن أنّ القوم وعمر لم يفهموا كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم) على وجهه الصحيح ، أو فهموه وحرّفوه ; لأنّ مراد رسول الله هو : إنّ نسبه في إطار المفهوم الديني هو الباقي ، وذلك من خلال علي والحسنين وولد الحسين ، وهم الأئمّة الاثنا عشر (عليهم السلام) ، الّذين لا يزال الدين عزيزاً بهم (٢) ،
____________
(١) روى النسائي في المجتبى ٦ / ٦٢ بإسناده عن بريدة بن الخصيب ، قال : خطب أبو بكر وعمر (رض) فاطمة فقال رسول الله : إنّها صغيرة ، فخطبها عليّ فزوّجها منه ..
وقد صحّح الألباني الخبر في : صحيح سُنن النسائي ٢ / ٦٧٨.
وعلّق السندي ـ في هامش المجتبى ـ على الخبر بقوله : ففيه أنّ الموافقة في السنّ أو المقاربة مرعية ; لكونها أقرب إلى المؤالفة. نعم ، قد يترك ذلك لما هو أعلى منه كما في تزويج عائشة.
لكـنّ الأمر لـم يـكن كما قاله السندي ، بل أغلب النصوص تصرّح بأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان ينتظر القضاء وأمر الباري تعالى ; انظر : الطبقات الكبرى ٨ / ١٩ ، مجمع الزوائد ٩ / ٢٠٤ ـ ٢١٢ ، المعجم الكبير ٣ / ٣٤.
(٢) صحيح مسلم ٦ / ٣ ، مسند أحمد ٥ / ٩٠ ـ ٩٣ ، سنن أبي داود ٢ / ٣٠٩.