نرى عمر يكتفي في نكاح عاتكة بإذن أبيها ولا ينظر إلى رضاها ولا إلى إذن إخوانها وأخواتها.
إنّ عمر لو كان حقّاً يريد الزواج مباركاً من عاتكة لكان عليه أن يرسل إليها بعض النساء من أهل بيته بعد العقد برضاها ليأتوا بها إلى عشّ الزوجية بإعزاز وإكرام ، لا أن يغالبها ويعاركها ، إذ أنّ هذا الفعل لا يصدر إلاّ من رعاع الناس ; فكيف بخليفة المسلمين؟!
نحن وإن كنّا لا نقبل بتلك الروايات القائلة بأنّ الإمام أمير المؤمنين زوّج عمر بعد أن استشار الإمام الحسن والحسين وعقيلا والعبّاس ، لكنّا نؤكّد أنّ هذه النصوص مختلقة على لسان هذا أو ذاك ، وهي تسيء بالدرجة الكبرى للخليفة وأتباعه.
وعليه ; فالنصوص السابقة وضّحت لنا بأنّ النساء لم يكنّ يرغبن في التزويج بعمر ، فلو جمعت تلك النصوص إلى نصّ الطبري في تزويج أُمّ كلثوم بنت أبي بكر ، لعرفت أنّ الجميع كانوا يهابونه ويخافون بطشه ، وحتّى عائشة بنت أبي بكر ـ زوجة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ فإنّها كانت تخافه وتهابه ، ولمّا امتنعت أُختها أُمّ كلثوم من الزواج من عمر استولى عليها الخوف ، فأرسلت إلى عمرو بن العاص ـ أو إلى المغيرة بن شعبة ـ تستعين بهما لحلّ المشكلة.
ولو تدبّرت وتعمّقت في كلام عمرو بن العاص ، لعرفت أنّه هو الآخر كان يهاب عمر ويخاف بطشه ; إذ لينه في الخطاب وأُسلوبه في الاستعطاف ليشير إلى أنّ عمرو بن العاص أراد أن يستعطف الخليفة من خلال أخيه أبي بكر ، فقال له :
«... ولكنّها حدثـة ، نشأت في كنف أُمّ المؤمنين في لين ورفق ،