لأمرها ، ولا ولاية لأحد عليها ، وعلى فرض ثبوت الولاية عليها ، يجب أن يُجمع رضاها إلى رضا وليّها ، لكن النصّ السابق يشير وبوضوح إلى أنّ عاتكة لم ترضَ بهذا النكاح ، وأنّ عمر أكرهها على ذلك ، وتجاوز عليها بدون إذنها ; لأنّه «دخل عليها ، فعاركها حتّى غلبها على نفسها ، فنكحها ، فلمّا فرغ قال : أُف ، أُف ، أُف ...».
على أنّ الخبر يدلّ على أنّ عمر كان طامعاً فيها ، راغباً بها ، لا أنّه فعل ذلك كي يوضّح حكماً شرعياً ، وهو حرمة التبتّل ; لأنّه كان قد طلبها قبل ذلك من وليّها ، فقال : «اذكرني لها. فذكره لها ، فأبت على عمر أيضاً» ، وهو يشير إلى ما قلناه ، ويوضّح بأنّ وراء نكاح عاتكة شيئاً آخر غير ما يبرّره علماء مدرسـة الخلفاء ..
فهو لو كان يريـد الوقوف أمام التبتّل أو تشريع شيء جديد للزمه أن يحقّق ذلك بشكل آخر غير المغالبة ونكاحها بنفسه ، ثمّ قوله : أُف ، أُف ، أُف.
وأُريد هنا أن أُنبّه إلى بعض المفارقات في النصوص الواردة عن تزويج عمر وعليّ ، وهي بنظري تسيء إلى عمر أكثر من أن تخدمه ; لأنّها تؤكّد على أنّ الإمام عليّاً شارك الآخرين بالرأي ، فاستشار الإمامين الحسن والحسين (١) ، وعقيلاً (٢) ، وعمّه العبّاس (٣) في تزويجه أُمّ كلثوم ، في حين
____________
(١) ذخائر العقبى : ١٦٩ و ١٧٠ ، سيرة ابن إسحاق : ٢٤٨ ، الذرّية الطاهرة : ١٥٩ ، حياة الصحابة ٢ / ٥٢٧ ، كنز العمّال ١٦ / ٥٣٢ ، مجمع الزوائد ٤ / ٢٧٢ ، السُنن الكبرى ٧ / ٦٤.
(٢) المعجم الكبير ٣ / ٤٤ و ٤٥ ، مجمع الزوائد ٤ / ٢٧١ و ٢٧٢ ، ذخائر العقبى : ١٧٠ ، الذرّية الطاهرة : ١٦٠.
(٣) ذخائر العقبى : ١٧٠ ، الذرّية الطاهرة : ١٦٠.