وقد مرّ عليك قبل قليل ما قالته أُمّ أبان بنت عتبة بن ربيعة حينما خطبها عمر بعد أن مات عنها يزيد بن أبي سفيان ، فقالت : لا يدخل إلاّ عابساً ولا يخرج إلاّ عابساً ، يغلق بابه ويقلّ خيره (١).
وما قالته أُمّ كلثوم بنت أبي بكر حينما خطبها عمر ; «فقالت أُمّ كلثوم : لا حاجة لي فيه.
فقالت لها عائشة : ترغبين عن أمير المؤمنين؟!
قالت : نعم ; إنّه خشن العيش ، شديد على النساء ...» (٢).
وروى علي بن يزيد : أنّ عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل كانت تحت عبد الله بن أبي بكر ، فمات عنها واشترط عليها أن لا تتزوّج بعده ، فتبتّلت وجعلت لا تتزوّج ، وجعل الرجال يخطبونها وجعلت تأبى.
فقال عمر لوليّها : اذكرني لها. فذكره لها ، فأبت على عمر أيضاً.
فقال عمر : زوّجنيها. فزوّجه إيّاها.
فأتاها عمر ، فدخل عليها ، فعاركها حتّى غلبها على نفسها ، فنكحها ، فلمّا فرغ قال : أُفّ ، أُفّ ، أُفّ ، أُفّ بها.
ثمّ خرج من عندها وتركها لا يأتيها ، فأرسلت إليه مولاة لها أن : تعال فإنّي سأتهيّأ لك (٣).
هذا ، وقد حمل محبّو الخليفة الخبر الأخير على أنّه أراد بيان حكم شرعي ، وهو : عدم جواز التبتّل في النكاح ، أو عدم جواز أخذ المال على أن لا تتزوّج ، في حين نعلم أنّ عاتكة كانت ثيّباً ، والمرأة الثيّب هي مالكة
____________
(١) عيون الأخبار ٤ / ١٧ ، تاريخ الطبري ٥ / ١٧ ، الكامل ـ لابن الأثير ـ ٣ / ٥٥.
(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٢٧٠ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٤٥١ ، البداية والنهاية ٧ / ١٥٧.
(٣) الطبقات الكبرى ٨ / ٢٥٦ ; وعنه في كنز العمّال ١٣ / ٦٣٣ ح ٣٧٦٠٤.