فتصيح ، فيغمّك ذلك وتتألّم له عائشة ، ويذكرون أبا بكر ، فيبكون عليه ، فتجدّد لهم المصيبة في كلّ يوم.
وقد مرّ عليك كلام عمرو بن العاص : ولكنّها حدثة ، نشأت تحت كنف أُمّ المؤمنين في لين ورفق ، وفيك غلظة ...
ولمّا عاتب عمر عمراً بقوله : «فكيف بعائشة وقد كلّمتها؟!
قال] عمرو بن العاص] : أنا لك بها ، وأدلّك على خير منها : أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب ...».
فقول عمرو بن العاص : «أدلّك على خير منها» لم يأتِ اعتقاداً منه بكون أُمّ كلثوم بنت عليّ هي خير من أُمّ كلثوم بنت أبي بكر ، وإن كان ذلك من المسلّمات عند المسلمين ; لأنّها أقرب قرابة وألصق رحماً برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بل في كلامه إشارة إلى أنّ أُمّ كلثوم بنت عليّ هي خير من بنت أبي بكر لتعهّد الخدمة في بيت عمر ; لأنّه لو ضربها أو سطا بها لكان في ذلك سرور لمخالفي عليّ (عليه السلام) وأعدائه ، أمثال : معاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، و ...
فعمرو حينما اقترح على عمر بأن يأخذ بنت عليّ (عليه السلام) كان يعلم بأنّها أرقّ وأوجب حقّاً من بنت أبي بكر ، وهي لا يمكنها أن تتحمّل ما لا يتحمّله داهية مثل عمرو بن العاص ; لقوله : «... وما نقدر أن نردّك عن خلق من أخلاقك ; فكيف بها إن خالفتك في شيء فسطوت بها؟! ..».
وبعد كلّ هذا ; فقد اتّضح لك بأنّ هذا الاقتراح من عمرو بن العاص لم يأتِ عن حُسن نية بل جاء عن سوء نية!
نعم ، إنّ ابن العاص أطّر حقده الدفين ضدّ عليّ وبنيه بإطار الناصح الأمين ; إذ قال : «وأدلّك على خير منها» ، لكنّ هذا الأمر لا ينطلي على