المتدبّر الحكيم ، بل إنّ الباحث المحقّق ـ بل كلّ مطالع في النصوص ـ يعرف بأنّ عمرو بن العاص كان الموجّه والمنظّر لعمر بن الخطّاب للدخول إلى بيت وحرم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، أيّ أنّه رسم لعمر المنهج ، وأعطى له المبرّر كي يصل إلى هذا الزواج ، وبذلك خدم سيّده ونال من عدوه في آن واحد.
ونحن حينما قلنا قبل قليل بأنّ الجميع كانوا يهابون عمر ويخافون بطشه ، لا نعني بذلك عدم إمكان أن ينجو أحد من قراره ..
فقد نجت أُمّ أبان بنت عتبة.
وأُمّ كلثوم بنت أبي بكر.
وأُمّ سلمة المخزومية (١).
والقوم من قريش ، الّذين خطب منهم فردّوه.
لكنّ هذا الأمر لا يمكن تصوّره واحتماله في مخالف سياسي لعمر ابن الخطّاب كعليّ بن أبي طالب ; وخصوصاً لمّا علمنا بأنّ أُصول هذا المخطّط رسمه عمرو بن العاص أو المغيرة بن شعبة وأمثالهما ، ممّن يبغون من وراء مثل تلك المناورات هدفاً ، بل أهدافاً سياسية.
نعم ، إنّ أُمّ كلثوم بنت أبي بكر نجت ـ إن صحّت نجاتها ـ من الزواج من عمر بمسعى عمرو بن العاص أو المغيرة بن شعبة ، مع وقوفنا على خوف عائشة من عقبى مخالفة أُختها لهذا الزواج ; لقولها لأمّ كلثوم : «ترغبين عن أمير المؤمنين؟!».
هذا ، ومن الطبيعي أن لا تكون منزلة عليّ بن أبي طالب وفاطمة
____________
(١) فقد أقدم عليها بعد وفاة زوجها عقيب غزوة أُحد ، فردّته ; انظر : مسند أحمد ٦ / ٣١٣ ، السُنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٣ / ٢٨٦ ، تاريخ بغداد ١١ / ٣٥٥.