فأقول :
أوّلاً : قد ظهر أنّ النزاع في هذا الحديث بهذا السند ، يعود إلى الخلاف في «أبي الصّلت» ، والحاكم قد وثّقه ، ثمّ استشهد بتوثيق يحيى بن معين.
وثانياً : إنّ جرح الذهبي لا يصلح لأنْ يعارض توثيق يحيى بن معين ، وذلك لوجوه :
١ ـ إنّ يحيى بن معين عندهم من أئمّة الجرح والتعديل ، وقد ترجم له الذهبي نفسه فوصفه بـ : «الإمام الحافظ الجهبذ ، شيخ المحدّثين ... أحد الأعلام ...» وذكر عن الأئمّة في حقّه ما لم يرد في حقّ غيره (١).
٢ ـ إنّ ابن معين كان معاصراً لأبي الصّلت ، فيكون توثيقه شهادةً حسّـية منه له ; فلا يعارضها كلام من تأخّر عنه بقرون ، عن اجتهاد من عنده!
٣ ـ وليته تكلّم فيه عن اجتهاد مبنيّ على أصل ولو فاسد! لكنّه يتكلّم في الرجال تبعاً لهواه ، كما نصّ على ذلك تلميذه السبكي بترجمته من الطبقات .. حتّى قال الحافظ ابن حجر في اللسان بترجمة علي بن صالح الأنماطي متعقبّاً كلام الذهبي فيه : «فينبغي التثبّت في الّذين يضعّفهم المؤلّف من قبله» (٢).
وثالثاً : قد أخرج الحاكم الحديث بسنده عن محمّد بن جعفر الفيدي : «ثنا أبو معاوية ...» ، ثمّ قال مؤكّداً على صحّة الحديث : «ليعلم
____________
(١) سير اعلام النبلاء١١ / ٧١.
(٢) لسان الميزان ٤ / ٢٧٥.