وهذا النصّ يرشدنا إلى أُمور كثيرة ، منها : مكان وتاريخ هذه المقولة ; فهي في مكّة أيام موسم الحجّ ، وقد تكون قبل الزواج المدّعى لعمر من أُمّ كلثوم.
وسواء كان هذا الكلام من المغيرة قبل التزويج أم بعده ، ففيه تعريض بعمر والإمام عليّ (عليه السلام) معاً ; لأنّ تشبيه أُمّ كلثوم بنت عليّ بأُمّ جميل الفاحشة! فيه ما لا يخفى من الانتقاص لأمير المؤمنين (عليه السلام).
وفيه أيضاً أكبر التعريض بعمر بن الخطّاب ; لأنّ المشاجرة كانت بينه وبين المغيرة ، ولمّا عرّض عمر بالمغيرة أراد المغيرة أن يجيبه بـ : إنّك لم تكن بأقلّ منّي في مثل هذه الأُمور ; لتفكيرك الدائم في أُمّ كلثوم بنت عليّ مع أنّها صغيرة وبمنزلة حفيدتك ..
وإنّ إصرارك الزائد على التزويج بها يشكّك الجميع في حسن نواياك ومقاصدك التي تدعيها ; لأنّك لو أردت التزويج بها فإنّ ذلك سوف لن يكون إلاّ بالقوّة والإكراه ، خصوصاً حينما كان غطاؤك ودعواك هو الحصول على القربى ..
ولو كنت محّقاً في ما تدّعيه لكان عليك أن تحقّقه بالعقد فقط دون الدخول والإيلاد ، وأن تكتفي بسببيتك من خلال ابنتك حفصة لرسول الله ; إذ بذلك حُزت السبب والصلة معاً.
كانت هذه قراءة سريعة لما في كتب العامّـة ، وهي ترجع الأمر إلى طلب عمر الجنس بدعوى القربى ، وإن كان وراءها أُمور سياسية أُخرى ، وهي إن صحّت تسجّل ظلامة أُخرى لأهل البيت (عليهم السلام) تضاف إلى قائمة
____________
ـ ٣٦٧ ; والنصّ من عنده ، وهو أيضاً في الإيضاح ـ لابن شاذان ـ : ٥٥٢ ، والصراط المستقيم ٣ / ٢٤٨.