نفسٌ ماذا تكسبُ غـداً وما تدري نفسٌ بأيِّ أرض تموت ...) (١) ، فيعلم الله سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أُنثى ، وقبيح أو جميل ، وسخيّ أو بخيل ، وشقيّ أو سعيد ، ومَن يكونُ للنار حَطَباً ، أو في الجنان للنبيّين مُرافِقاً ، فهذا عِلْمُ الغيب الذي لا يعلمه أحدٌ إلاّ الله ، وما سوى ذلك فعِلْمٌ علّمه الله نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) فعلّمَنِيهِ ، ودعا لي بأن يَعِيَه صدري ، وتَضْطمّ عليه جـوانحي (٢).
لذلك كثيراً ما كان ينادي :
«أيُّها الناس! سَلوني قبل أن تفقدوني ، فَلأنا بطرُقِ السماء أعْلَمُ منّي بطُرُقِ الأرض ; قبل أن تَشْغَرَ برجلها فتنةٌ تَطأُ في خِطامها ، وتذهب بأحلامِ قومها» (٣).
ويقيناً أنّ الناس يدركون طبيعة تلك المعلوماتيّة الفريدة ويُقيّمونها في عقل عليّ (عليه السلام) ، ويصدّقونها عنده ، وبسبب ذاك وهذا فازت أداءات خـطبه ووصاياه الفكريّة والمضمونيّة ، وارتقت قيمة مضامين الزهد بشكل خاصّ.
زِدْ على تلك المناحي منحى التذكير بما أصاب الجبابرة الأسلاف
____________
(١) سورة لقمان ٣١ : ٣٤. (١) سورة لقمان ٣١ : ٣٤.
(٢) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٨ / ٢١٥ ..
تضطمّ : تنضمّ.
الجوانح : الأضلاع تحت الترائب ممّا يلي الصدر ; وانضمامها عليه : اشتمالها على قلب يعيها.
(١) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٣ / ١٠١ ..
تشغر برجلها : ترفعها ، كناية عن كثرة مداخل الفساد في الأرض.
تطأ في خِطامها : أي تتعثّر فيه ، كناية عن إرسالها وطيشها وعدم وجود قائد لها.