وتحقير ملذّاتها ، والالتفات إلى الآخرة ، وتعظيم نعمها ... وهذا هو الزهد ..
«اتّقوا الله! فما خُلِق امرؤ عَبثاً فيلهو ، ولا تُرِك سُدىً فيلغو ، وما دنياه التي تَحَسَّنَتْ له بخَلَف من الآخرة التي قبّحها سوء النظر عنده ، وما المغرور الذي ظَفرَ من الدنيا بأعلى هِمَّته كالآخر الذي ظَفرَ من الآخرة بأدنى سُـهمته» (١) ..
وتارة يتّخذه دعوة للاعتراف بنِعم الله على عباده في الدنيا ..
«أُوصيكم عبادَ الله بتقوى الله ، الذي ضرب لكم الأمثال ، ووقّت لكم الآجال ، وألبسكم الرِياش ، وأرفغ لكم المعاش ، وأحاط بكم الإحصاء ، وأرصد لكم الجزاء ، وآثركم بالنِعمِ السوابغ ... أنتم مُختبرون فيها ، ومُحاسبون عليها» (٢) ..
وثالثة ، فالتقوى يعني الاستفادة ممّا يلي من مكنون النفس
____________
(١) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٩ / ٣٠٠ ..
لها : تلهّى بلذّاته.
لغا : أتى باللَّغْو ; وهو ما لا فائدة فيه.
خلف : ما يَخلُف الشيء ويأتي بعده.
السُّـهمة : النصيب.
(٢) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٦ / ٣٤٤ ..
ضرب الأمثال : جاء بها في الكلام لإيضاح الحجج ، وتقريرها في الأذهان.
وقّت الآجال : جعلها في أوقات محدودة ، لا متقدّم عنها ولا متأخّر.
الرياش : ما ظهر من اللباس.
أرفغ لكم المعاش : أوسع.
أحاط بكم بالإحصاء : أي جعل إحصاء أعمالكم والعلم بها عملاً كالسُور لا تنفذون منه ولا تتعدّونه.
أرصد لكم الجزاء : أعدّه لكم فلا محيصَ عنه.