ولم يكتب لمصطلح الكوفيّين الرواج ، فبقي محفوظاً في بطون الكتب.
وقد استعمل النحاة الأوائل مصطلح (اسم الفاعل) وأشاروا إلى طرق صياغته من الأفعال المختلفة ، وبيّنوا أنّه يعمل عمل فعله ، وذكروا شروط هذا العمل ، ولكنّهم لم يهتمّوا بصياغة تعريفه الاصطلاحي.
وممّا جاء في كتاب سيبويه (ت ١٨٠ هـ) بشأن اسم الفاعل قوله : «واعلم أنّ ما ضارعَ الفعل المضارع من الأسماء في الكلام ووافقه في البناء ، أُجري لفظه مجرى ما يستثقلون (١) ... ومع هذا أنّك ترى الصفة تجري في معنى (يفعل) يعني : هذا رجل ضارب زيداً ، وتنصِب كما ينصِب الفعل» (٢) ..
فمراده بـ : (الجري) على الفعل : أنّه يعمل عمله ، فينصب المفعول به ، إن كان بمعنى الفعل المتعدّي ، كما في المثال ، ويرفع الفاعل إن كان بمعنى الفعل اللازم ، نحو : أقائمٌ زيد.
وبيّن في موضع آخر أنّه يشترط في عمل اسم الفاعل أن لا يكون بمعنى الماضي ، بل بمعنى المضارع أو المستقبل ; فقال : «وممّا لا يكون فيه إلاّ الرفع قوله : (أعبدُ اللهِ أنت الضاربه) ; لأنّك تريد معنى : (أنتَ الذي ضربه) ، وهذا لا يجري مجرى يفعلُ .. وتقول : هذا ضاربٌ كما ترى ، فيجيء على معنى : (هذا يضربُ) ، وهو يعمل في حال حديثك ، وتقول : (هذا ضاربٌ) ، فيجيء على معنى : (هذا سيضربُ)» (٣).
____________
(١) أي : مجرى الفعل ; لقوله قبل ذلك : فالأفعال أثقل من الأسماء.
(٢) الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون ١ / ٢١.
(٣) الكتاب ١ / ١٣٠.