وتكلّم المبرّد (ت ٢٨٥ هـ) في مواضع متفرّقة من كتابه على اسم الفاعل ، دون أن يعرّفه ، وممّا ذكره : «قولك : هذا ضاربٌ زيداً ، فهذا الاسم إن أردت به معنى ما مضى ، فهو بمنزلة قولك : غلام زيد ، تقول : هذا ضاربٌ زيد أمسِ .. لم يجز فيه إلاّ هذا ...
ألا ترى أنّك لو قلت : (هذا غلامٌ زيداً) كان مُحالاً ، فكذلك اسم الفاعل إذا كان ماضياً ، لا تنوِّنُه ; لأنّه اسم ، وليست فيه مضارعة الفعل» (١).
وأقدم تعريف وجدته لاسم الفاعل ـ في حدود ما توفّر لي من مصادر ـ ما ذكره الزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) بقوله : «اسم الفاعل : هو ما يجري على (يفعل) من فعله ، كـ : ضارب ، ومُكرِم ، ومنطلِق ، ومستخرِج ، ومدحرِج» (٢) ..
وقال ابن يعيش في شرحه : «اعلم أنّ اسم الفاعل الذي يعمل عمل الفعل ، هو الجاري مجرى الفعل في اللفظ والمعنى ، أمّا اللفظ ; فلأنّه جار عليه في حركاته وسكناته ، ويطّرد فيه ، وذلك نحو : ضارِب ، ومُكرِم ، ومنطلق ، ومستخرج ، ومُدحرِج ، كلُّه جار على فعلِهِ الذي هو : يضرِبُ ، ويُكرِمُ ، وينطلقُ ، ويستخرجُ ، ويُدحرِج ، فإذا أُريد به ما أنت فيه ، وهو الحال أو الاستقبال ، صار مثله من جهة اللفظ والمعنى ، فجرى مجراه ، وحمل عليه في العمل» (٣).
فجريان الاسم على الفعل المضارع لفظاً ، أي مماثلته له في الحركات والسكنات ، دخيل في حقيقة اسم الفاعل ، وأمّا جريانه عليه في المعنى ،
____________
(١) المقتضب ، محمّد بن يزيد المبرّد ، تحقيق عبد الخالق عضيمة ٤ / ١٤٨.
(٢) المفصّل في علم العربية ، جار الله الزمخشري : ٢٢٦.
(٣) شرح المفصّل ، ابن يعيش ، تحقيق إميل بديع يعقوب ٤ / ٨٤.