٣ ـ ولا حجّة لهم علينا بما رواه البخاري وغيره عن طلحة بن مصرف ; حيث قال : سألت عبد الله بن أبي أوفى : هل كان النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أوصى؟
فقال : لا.
قلت : كيف كتب على الناس الوصية ـ ثمّ تركها ـ؟!
قال : أوصى بكتاب الله. انتهى ..
فإنّ هذا الحديث غير ثابت عندنا ، على أنّه من مقتضيات السياسة وسلطتها ، وبقطع النظر عن هذا كلّه ، فإنّ صحاح العترة الطاهرة قد تواترت في الوصيّة ، فليضرب بما عارضها عرض الجدار.
٤ ـ على أنّ أمر الوصيّة غني عن البرهان ، بعد أن حكم به العقل والوجدان (١).
وإذا استـطال الشيء قام بنفسـه |
|
وصفات ضوء الشمس تذهب باطل |
____________
(١) العقل بمجرّده يحيل على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يأمر بالوصيّة ويضيّق فيها على أُمّته ، ثمّ يتركها في حال أنّه أحوج إليها منهم ; لأنّ له من التركة المحتاجة إلى القيّم ، ومن اليتامى المضطرّين إلى الولي ، ما ليس لأحد من العالمين ..
وحاشا لله أن يهمل تركته الثمينة ، وهي شرائع الله وأحكامه!!
ومعاذ الله أن يترك يتاماه وأياماه ـ وهم أهل الأرض في الطول والعرض ـ يتخبّطون في عشوائهم ، ويسرحون ويمرحون على مقتضى أهوائهم بدون قيّم تتمّ لله فيه الحجّة عليهم!!
على أنّ الوجدان يحكم بالوصيّة إلى عليّ ; حيث وجدنا النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قد عهد إليه بأن يغسّله ويحنّطه ويجهزّه ويدفنه ويفي دينه ويبرئ ذمّته ، ويبيّن للناس ما اختلفوا فيه من بعده ، وعهد إلى الناس بأنّه وليّهم من بعده وأنّه ... إلى آخر ما أشرنا إليه في أوّل هذه المراجعة.