أو في حكم لا يدخله الاجتهاد ، أو نهي عن الاجتهاد فيه» (١).
لكنّه قال في نهاية كلامه : «أمّا وقوعه ـ أي اجتهاد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ فبعيد ، وإن لم يكن محالاً ، بل الظاهر أنّ ذلك كلّه كان عن وحي صريح ناصّ على التفصيل» (٢).
ويلاحظ :
أوّلاً : أنّهم يساوون غير النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) به ، بل يصل بهم التقصير في نعوت شؤون النبوّة والغلوّ في الغير إلى القول بأنّ الغير يتفوّق في إصابة الحقّ!!
ثانياً : أنّ الإجماع هو وجه وجوب اتّباعه (صلى الله عليه وآله وسلم) ; وهذا يقتضي فوقية حجّية الإجماع على حجّيته (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
ثالثاً : أنّ حرمة مخالفته (صلى الله عليه وآله وسلم) هي لأجل حـفظ النظام الاجتماعي ، لا لأجل كونه (صلى الله عليه وآله وسلم) على الهدى والحقّ!!
رابعاً : أنّه لا يمتنع أن تكون مخالفته (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر منه (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
ولا عجب في تماديهم إلى هذا الحدّ من الجرأة في المشاققة والمحادّة لمقام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ; فلقد اسـتنّوا في ذلك بسنن جماعة السقيفة ، وجعلوا ذلك من مناقب الثاني.
خامساً : تصل بهم عاقبـة الأمر إلى إنكار علمه (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ والعياذ بالله تعالى عمّا يقوله الظالمون ـ لا بالأحكام في اللوح المحفوظ فحسب ، بل بطرق الاجتهاد الظنّي ، وهو نظير ما قالته بنو إسرائيل في موسى (عليه السلام)
____________
(١) المستصفى في علم الأُصول ٢ / ٣٥٦.
(٢) المستصفى في علم الأُصول ٢ / ٣٥٧.