كُتِبَ عليهِمُ القتلُ إلى مضاجعِهم وليبْتليَ اللهُ ما في صدورِكم وليُمحّصَ اللهُ ما في قلوبِكُم واللهُ عليمٌ بذات الصدورِ * إنّ الّذين تولّوا منكُم يوم التقى الجَمْعانِ إنّما اسْتَزلّهُمُ الشيطانُ ببعض ما كَسَبوا ...) (١).
ثمّ تتّصل الآية (وشاورهم) عقب ذلك ..
فسـياق الآيات وألفاظ هذه الآية كلّ ذلك في جـوّ عصيان وتمرّد على أوامر الله ورسوله ، بل في الآيات اللاحقة تتضمّن اتّهام بعضهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كما يشير قوله تعالى : (وما كان لنبيّ أن يغلَّ ومن يَغْلُلْ يأتِ بما غلَّ يومَ القيامةِ ...) (٢).
ولا تفتر الآيات في تقريع جماعات عديدة من المسلمين من أهل أُحـد : (أوَ لمّا أصابتْكُم مصيبةٌ قد أصبْتُم مثْلَيْها قلتم أنّى هذا ... وليعلم الّذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتِلوا ... الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قُتلوا ...) (٣).
و : (ما كان الله ليَذَرَ المؤمنينَ على ما أنتم عليه حتّى يَميزَ الخبيثَ من الطيّبِ ...) (٤).
فمن ثمّ صُدّرت هذه الآية بمدح الله تعالى لنبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) على اللين معهم ، ثمّ الأمر بالعفو والتجاوز عن أخطائهم وعصيانهم وتمرّدهم ، والاستغفار لهم ، ثمّ يأتي الأمر : (وشاورهم في الأمر) في سياق ذلك ، أي : في سياق تربية النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) للمسلمين ، وتزكيته لهم ، وأنّ مشاورته
____________
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٥٤ و ١٥٥.
(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٦١.
(٣) سورة آل عمران ٣ : ١٦٥ ـ ١٦٨.
(٤) سورة آل عمران ٣ : ١٧٩.