أو التكليم ، أو التوسّم ، وغيرها ممّا سيأتي بعض الإشارة إليه ، وغاية ما في الباب أنّ بين أقسام الوحي تعدّد وتنوّع ، نظير : الفرق بين الوحي بالقرآن وبين الوحي بالحديث القدسي ، مع أنّ كلاهما وحي وكلام الله تعالى ، فكذلك هناك فرق بين الفريضة والسنّة في التشريع ، مع كون كلاًّ منهما من أقسام الوحي بالمعنى العام ، الشامل للتسديد اللدنّي ونحوه.
وهكذا الحال في حكومة أمير المؤمنين (عليه السلام) ; فإنّ حاكمية سيّد الأوصياء بعد حاكمية الله ورسوله التنفيذية ، بتوسّط ما يطلع (عليه السلام) عليه من إرادات الله تعالى ومشيئاته ، وإرادت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من بعد ذلك.
فقصرهم عصمة الرسول في التبليغ للأحكام الشرعية ناشئ من قصرهم حاكمية الباري تعالى في التشريع دون التنفيذ ، وإلاّ لكان عليهم الإقرار بعصمته في التدبير السياسي ، وفي كلّ شؤون سيرته (صلى الله عليه وآله وسلم).
ويكفيك شاهداً ـ إجمالاً ـ على ذلك ما مرّت الإشارة من أنّ أسباب النزول كما هي موارد شرح للتشريع الكلّي النازل في القرآن الكريم ، كذلك هي موارد لتدخّل الباري تعالى تفصيلاً وتنفيذاً ; فالتصرّف فيها كان بوحي من السماء ، كما هو الحال في غزوة بدر ، وصلح الحديبية ، وغيرها ممّا سيأتي الإشارة إليه.
الحادي عشر : استدلالهم بموارد من الآي التي فيها عتاب منه تعالى لنبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأنّه اعتراض منه عليه ، ممّا يقضي بأنّ الفعل في تلك الموارد لم يصدر بوحي ، بل استشهدوا أيضاً بموارد أُخرى من الآي تضمّنت العتاب لبقية الأنبياء (عليهم السلام) ..
منها : (عفا اللهُ عنكَ لِمَ أذِنْتَ لهمْ).
و (عبس وتولّى * أن جاءه الأعمى).