فبيّن (عليه السلام) أنّ سُنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سيرته وقوله وفعله وتقريره أيضا بالوحي التسديدي والتأييدي بروح القدس ; ولأجل ذلك وصفه الباري بأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : على خُلُق عظيم ، وأعطاه صلاحية التشريع بتبع التشريع الإلهي ، وأنّ الاختلاف بين الفريضة الإلهية والسنّة النبوية راجع إلى الاختلاف في أنماط الوحي ودرجاته.
وممّا يفيد إطلاق عصمته (صلى الله عليه وآله وسلم) : قوله تعالى : (هو الذي بعث في الأُمّيّين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبلُ لفي ضلال مبين * وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم * ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) (١) .. فنرى أنّه تعالى يصف بعثة الرسول وأدواره في إبلاغ الكتاب وتلاوته حقّ التلاوة ، وهي إقامته على حدوده لا مجرّد قراءته الصوتية.
وفي تزكيته للأُمّة إلى يوم القيامة وللنظام الاجتماعي للمسلمين.
وتعليمه للأُمّة الكتاب ، وهو لا يقتصر على أصوات الألفاظ ; لأنّ ما وراء إبلاغ الألفاظ هو تعليم تمام درجات علوم الكتاب ، وتأويله ، ولو بواسطة نصب أوصياء هداة لهذه الأُمّة من بعده يواصلون ويستمرّون في أداء دوره.
وتعليمه للأُمّة الحكمة ، وهي ما يرتبط بتدبير الإنسان لنفسه وأُسرته ، وبتدبير النظام السياسي الاجتماعي ، والتزكية والتعليم للحكمة يرتبط ذاتياً بالتدبير والسيرة في إدارة الأُمّة.
____________
(١) سورة الجمعة ٦٢ : ٢ ـ ٤.