وإذا كان لي ما أقوله في هذه المقدّمة المتواضعة ، فإنّني أودّ التنويه ببعض النّقاط التي أراها أساسية ، وهي :
إنّ «تاريخ الإسلام» يتفوّق على «سير أعلام النّبلاء» بالكمّيّة الهائلة التي يحتوي عليها من التراجم ، فضلا عن أنّه يتميّز بذكر الأحداث الحوليّة. وإذا كانت التراجم في كتاب «السير» تقتصر على «الأعلام النّبلاء» ـ كما نصّ المؤلّف على ذلك في عنوانه ـ فإنّ التراجم في «تاريخ الإسلام» لا تقتصر على «المشاهير والأعلام» كما يقول العنوان ، وإنّما تضمّ رجالا غير مشاهير ، بل إن البعض منهم يعتبرون من المجاهيل.
هذا ، مع الإشارة إلى أنّ «الذهبيّ» لم يترجم للخلفاء الراشدين الأربعة ـ رضوان الله عليهم ـ في «سير أعلام النبلاء» ، وهم أشهر المشاهير ، بينما أفرد لهم جزءا خاصا في «تاريخ الإسلام».
وبالمقارنة بين «تاريخ الإسلام» وكتابي «تاريخ بغداد» ، و «تاريخ دمشق» ، وغيرهما من كتب الرجال ، نجد «الذهبيّ» يتفرّد في «تاريخ الإسلام» بتراجم لأعلام لا نجد ذكرا لهم عند غيره ، مما يعني أنّه وقف على أسانيد ورسائل ومشيخات لم يسبقه إليها «الخطيب البغدادي» ولا «ابن عساكر الدمشقيّ» ولا غيرهما ممّن عني بالسير والتراجم ، رغم تقدّم عصرهم.
وهناك ميزة أخرى عند «الذهبيّ» ، لا نجدها عند «الخطيب» و «ابن عساكر» ، وهي إشارته إلى روايات الصحابة والتابعين ، وتابعي التابعين في كتب الصّحاح بالرموز التي اعتمدها عند أوّل كل ترجمة.
أمّا عن تقديم «المغازي» على «السيرة النّبويّة» ، فهذا يرجع إلى المنهجيّة التي انتهجها «الذهبيّ» في تأليف «تاريخ الإسلام» ، فهو يعرض للأخبار والوقائع والأحداث التي أسهم فيها صاحب الترجمة ، قبل أن يترجم له ويؤرّخ وفاته ، أو يتناول سيرته الذاتية. ومن هذا المنطلق في المنهجية ، فقد قدّم