بسم الله الرّحمن الرّحيم
(١)
يقترن دائما تاريخ النجف وعنوانها الحضاري بشخصية الشيخ محمد ابن الحسن الطوسي مؤلف هذا الكتاب .. حيث اعتبرت هجرته في حدود منتصف القرن الخامس الهجري من بغداد إلى النجف إثر محنة معروفة امتحن بها هذا الوطن العزيز : تأسيسا لمدرسة النجف الفكرية ونقلة للمرجعية الدينية المتمثلة به وانعطافا متميزا في تاريخ هذه الحاضرة.
ولعل اختيار الشيخ أبي جعفر الطوسي لهذه المدينة كي تكون موطنا له وبالتالي مركزا قياديا للمسلمين : يرجع إلى جملة عوامل اصيلة ، فمضافا إلى كونها ـ أي النجف ـ مدينة مقدسه ترنو إليها انظار المسلمين. لما تضمه من مرقد الامام علي (ع) ، فانها تتصل بمنطقة ذات حضارات أصيلة متميزة :
فهي من جهة تقيم اصولها على مدرسة الكوفة التي نشأت بعد اتخاذها عاصمة للمسلمين من قبل الامام علي والتي ازدهرت أو ازدادت ازدهارا ورسوخا في أيام الامام الصادق في النصف الأول من القرن الثاني للهجرة وما يليه.
وهي من جهة ثانية ترتبط بمنطقة (الحيرة) المجاورة المعروفة