وأصل ذي ذوى فاعلم وقد نطق القرآن به على الأصل قال الله عزوجل : (ذَواتا أَفْنانٍ) [الرّحمن : ٤٨]. ومعنى (لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) ها هنا أنه أحيا هؤلاء بعد الموت وأراهم الآية العظمى.
(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢٤٤)
(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أمر ، أي لا تهربوا كما هرب هؤلاء. (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) اسم «أنّ» وخبرها أي يسمع قولكم إن قلتم مثل ما قال هؤلاء ويعلم مرادكم به.
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢٤٥)
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ) «من» رفع بالابتداء ، وخبره «ذا» و «الذي» نعت لذا ، وإن شئت بدل. (يُقْرِضُ اللهَ) اسم للمصدر وأصل قرضت قطعت ، ومنه سمي المقراضان ومنه (تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ) [الكهف : ١٧] ، فمعنى أقرضت الرجل أعطيته قطعة من مالي. فيضاعفه له (١) عطف على يقرض وإن شئت كان مستأنفا وقرأ ابن أبي إسحاق والأعرج (فَيُضاعِفَهُ لَهُ) نصبا وقد روي أيضا هذا عن عاصم والنصب على جواب الاستفهام. و (أَضْعافاً) بمعنى المصدر. (كَثِيرَةً) من نعته. (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ) وإن شئت قلبت السين صادا لأن بعدها طاء.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٢٤٦)
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) قيل : الملأ الأشراف لأنهم مليئون بما يدخلون فيه. (إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) جزم لأنه جواب الطلب والطلب في لفظ الأمر ، ويجوز نقاتل في سبيل الله ورفعا بمعنى نحن نقاتل أي فإنّا ممّن يقاتل ، ومن قرأ بالياء يقاتل (٢) فالوجه عنده الرفع لأنه نعت لملك. (قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ) قال أبو حاتم : ولا وجه لعسيتم ، وقد قرأ الحسن به ونافع وطلحة (٣) ابن مصرّف ولو كان
__________________
(١) هذه قراءة نافع وحمزة والكسائي بالألف ورفع الفاء ، وقرأ عاصم بالألف ونصب الفاء ، انظر كتاب السبعة لابن مجاهد ١٨٥. والبحر المحيط ٢ / ٢٦١.
(٢) قراءة الضحاك وابن أبي عيلة بالياء ، انظر البحر المحيط ٢ / ٢٦٣.
(٣) انظر كتاب السبعة لابن مجاهد ١٨٦.