يكن خيرا لكم ونكفّر عنكم) والذي حكاه أبو حاتم عن الأعمش بغير واو جزما يكون على البدل كأنه في موضع الفاء والذي روي عن عاصم (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ) بالياء والرفع يكون معناه يكفر الله. هذا قول أبي عبيد ، وقال أبو حاتم معناه يكفّر الإعطاء ، وقرأ ابن عباس «وتكفّر «يكون معناه وتكفّر الصدقات ، وقراءة عكرمة وتكفّر عنكم أي أشياء من سيئاتكم فأما النصب ونكفّر فضعيف وهو على إضمار «أن» وجاز على بعد لأن الجزاء إنما يجب به الشيء لوجوب غيره فضارع الاستفهام.
(لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (٢٧٢)
(لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) تكلّم جماعة في معنى يهدي ويضلّ فمن أجلّ ما روي في ذلك ما رواه سفيان عن خالد الحذّاء عن عبد الأعلى القرشي عن عبد الله بن الحارث عن عمر أنه قال في خطبته : «من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له» وكان الجاثليق حاضرا فأومأ بالإنكار فقال عمر : ما يقول؟ فقالوا يقول : إنّ الله لا يهدي ولا يضلّ ، فقال له عمر : كذبت يا عدوّ الله بل الذي خلقك هو يضلك ويدخلك النار إن شاء الله ، إن الله خلق أهل الجنة وما هم عاملون وخلق أهل النار وما هم عاملون فقال هؤلاء لهذه وهؤلاء لهذه فما برح الناس يختلفون في القدر. قال أبو عبيد: قال الله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) [الصافات : ٩٦]. (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) «ما» الأولى في موضع نصب بتنفقوا والثانية لا موضع لها لأنها حرف والثالثة كالأولى.
(لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) (٢٧٣)
(تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ) ويقال في هذا المعنى : سيمياء (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) مصدر في موضع الحال أي ملحفين.
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢٧٤)
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) رفع بالابتداء ، والخبر : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ودخلت الفاء ولا يجوز : زيد فمنطلق لأن في الكلام معنى الجزاء أي من أجل