القيّام وقال (١) خارجة (٢) في مصحف عبد الله الحيّ القيّم (٣). قال أبو جعفر : القيّوم فيعول الأصل فيه قيووم ثم وقع الإدغام ، والقيّام الفيعال الأصل فيه القيوام ثم أدغم وقيّم فيعل عند البصريين الأصل فيه قيوم ثم أدغم ، وزعم الفراء (٤) أنّه فعيل. قال ابن كيسان : لو كان كما قال لما أعلّ كما لم يعلّ سويق وما أشبهه. اسم الله عزوجل مرفوع بالابتداء ، والخبر (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) و (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) نعت ، وإن شئت كان الخبر (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ثم جيء بخبر بعد خبر. (مُصَدِّقاً) نصب على الحال ، وعند الكوفيين على القطع قال أبو جعفر : وقد ذكرنا اشتقاق (التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) في الكتاب الذي قبل هذا.
(مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٤) إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٥) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٦)
(مِنْ قَبْلُ) غاية وقد ذكرناه (٥) و (هُدىً) في موضع نصب على الحال ولم يتبيّن فيه الإعراب لأنه مقصور. (إِنَّ الَّذِينَ) اسم إنّ والصلة (كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) والخبر (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ). (وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) ابتداء وخبر ، وكذا (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ) وروى العباس بن الفضل (٦) عن أبي عمرو (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ).
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٧)
هذه الآية كلها مشكلة. وقد ذكرناها ، وسنزيدها شرحا إن شاء الله. قال أبو جعفر: أحسن ما قيل في المحكمات والمتشابهات أنّ المحكمات ما كان قائما بنفسه لا يحتاج أن يرجع فيه إلى غيره نحو (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص : ٤] (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ
__________________
(١) انظر معاني الفراء ١ / ١٩٠ ، وهي قراءة إبراهيم النخعي والأعمش وابن مسعود وأصحاب عبد الله وزيد بن علي وجعفر بن محمد وأبي رجاء أيضا. وانظر المحتسب ١ / ١٥١.
(٢) خارجة بن مصعب أبو الحجاج الضبعي : أخذ القراءة عن نافع وأبي عمرو ، وله شذوذ كثير عنهما لم يتابع عليه ، وروى أيضا عن حمزة حروفا. (ت ١٦٨ ه). ترجمته في غاية النهاية ١ / ٢٦٨.
(٣) انظر مختصر ابن خالويه (١٩) ، والمحتسب ١ / ١٥١ ، وهي قراءة علقمة بن قيس.
(٤) انظر الإنصاف مسألة ١١٥.
(٥) انظر إعراب الآية (٢٥) سورة البقرة.
(٦) العباس بن الفضل بن عمرو بن عبيد الأنصاري ، قاضي الموصل ، حاذق من أكابر أصحاب أبي عمرو (ت ١٨٦ ه) ترجمته في غاية النهاية ١ / ٣٥٣.