وعزّ (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وَإِنْ) قال ابن عباس : مع كل صنم شيطانة ، وقيل : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) لأن الحجارة مؤنّثة فذكرها الله جلّ وعزّ بالضعة لأن المذكر من كل شيء أرفع من المؤنث (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) لأنه أمرهم بذلك فنسب الدعاء إليه مجازا لأنهم يطيعونه به.
(لَعَنَهُ اللهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) (١١٨)
(لَعَنَهُ اللهُ) من نعته ويجوز أن يكون دعاءا عليه. (وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) قيل : من النصيب طاعتهم إياه في أشياء منها أنهم يضربون للمولود مسمارا عند ولادته ودورانهم به يوم أسبوعه يقولون : لتعرفه العمّار.
(وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً) (١١٩)
(وَلَأُضِلَّنَّهُمْ) أي عن الحق. (وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) أي طول الحياة والخير والتوبة والمغفرة مع الإصرار. (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) هذه لامات قسم والنون لازمة لها لأنه لا يقسم إلّا على المستقبل وأهل التفسير مجاهد وغيره يقولون معنى (فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) دين الله وقد قيل : يراد به الخصاء وما تفعله الزنج والحبش من الآثار ، وقيل : هو أنّ الله خلق الشمس والقمر والحجارة للمنفعة فحولوا ذلك وعبدوها من دون الله جلّ وعزّ. (وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ) يطيعه ويدع أمر الله.
(يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُوراً) (١٢٠)
(يَعِدُهُمْ) أي يعدهم الرياسة والجاه (١) والمال ليعصوا الله جلّ وعزّ (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) أي خديعة.
(أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً) (١٢١)
ف (أُولئِكَ) مبتدأ. (مَأْواهُمْ) مبتدأ ثان. (جَهَنَّمُ) خبر الثاني والجملة خبر الأول. (وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً) أي ملجأ والفعل منه حاص يحيص.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) (١٢٢)
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) رفع بالابتداء والخبر. (سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ) وإن شئت كان في موضع نصب على إضمار فعل يفسّره ما بعده وذلك حسن لأنه معطوف. (وَمَنْ
__________________
(١) وهذه قراءة الحسن وشيبة بن نصاح والحكم والأعرج أيضا انظر البحر المحيط ٣ / ٣٧١.