لا يتولّى الكافرين. (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ) أي أيبتغون أن يعتزوا بهم. (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) نصب على الحال.
(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) (١٤٠)
فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر لأنّ من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم والرضى بالكفر كفر ، قال الله جلّ وعزّ (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ) والأصل التنوين فحذف استخفافا.
(الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (١٤١)
(الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ) نعت للمنافقين. (فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ) اسم كان وكذا (وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) جاء على الأصل ، ولو أعلّ لكان لم نستحذ والفعل على الإعلال استحاذ يستحيذ وعلى غير الإعلال استحوذ يستحوذ وفي حرف أبيّ ومنعناكم من المؤمنين (١) وهو محمول على المعنى لأن المعنى قد استحوذنا عليكم ويجوز أن يكون على حذف قد. وقد ذكرنا معنى (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً).
(إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً) (١٤٢)
(إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ) مجاز أي يخادعون أولياء الله. (وَهُوَ خادِعُهُمْ) أي معاقبهم ، وإن شئت أسكنت الهاء فقلت «وهو» لأن الضمّة ثقيلة وقبل الكلمة واو ، وحكي إسكان الواو وقرأ مسلمة بن عبد الله النحوي (وَهُوَ خادِعُهُمْ) (٢) بإسكان العين ، وقال محمد بن يزيد : هذا لحن لأنه زوال الإعراب. قال أبو جعفر : وقد أجاز سيبويه ذلك وأنشد : [الرجز]
١٠٩ ـ إذا اعوججن قلت صاحب قوّم (٣)
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٣ / ٣٩١ ، ومعاني الفراء ١ / ٢٩٢.
(٢) انظر البحر المحيط ٣ / ٣٩٣ ، ومختصر ابن خالويه (٢٩).
(٣) مرّ الشاهد (٢٢).