لما لحقكم من الشرّ ، وقيل : أولئك الذين نسيهم الله شرّ من الذين نقموا عليكم ، وقيل : أولئك الذين نقموا عليكم شرّ من الذين لعنهم الله.
(وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ) (٦١)
(وَقَدْ دَخَلُوا) أي بالإبغاض للنبي صلىاللهعليهوسلم وللمؤمنين وتمنّي هلاكهم وخرجوا منطوين عليه (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ) من الكفر.
(وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (٦٤)
(غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) اسم لم يسمّ فاعله حذفت الضمة من الياء لثقلها أي غلّت في الآخرة ، ويجوز أن يكون دعاءا عليهم ، وكذا (وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) ابتداء وخبر. قال الأخفش وفي قراءة عبد الله بل يداه بسطان (١). قال الأخفش : يقال : يد بسطة أي منطلقة منبسطة. (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ) لام قسم. (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً) ظرف أي كلّما جمعوا وأعدّوا.
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (٦٥)
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ) «أن» في موضع رفع ، وكذا (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ).
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (٦٧)
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) أي كلّ ما أنزل من ربك. (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ) شرط وجوابه. (فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) (٢) (٣) هذه قراءة أهل المدينة ، وقرأ أبو عمرو وأهل الكوفة والكسائي (رسالته) على واحدة والقراءتان حسنتان إلا أن الجمع أبين لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان ينزل عليه الوحي شيئا شيئا ثم يبينه. (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) دلالة على نبوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأن الله جلّ وعزّ خبّر أنه معصوم ، وفي هذه الآية دلالة على ردّ قول من قال : إن النبي صلىاللهعليهوسلم كتم شيئا من أمر الدين تقيّة ، ودلالة على أنه لم يسرّ إلى أحد شيئا من أمر الدين لأن المعنى بلّغ كل ما أنزل إليك ظاهرا ولو لا هذا ما كان في قوله جلّ وعزّ (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) فائدة.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٣ / ٥٣٥ ، ومعاني الفراء ١ / ٣١٥.
(٢) انظر تيسير الداني ٨٣.
(٣) هذه قراءة نافع وابن عامر وأبي بكر ، وقرأ باقي السبعة على التوحيد. انظر البحر المحيط ٣ / ٥٤٠.