قيل : وكان البيهقي يصوم الدهر من قبل أن يموت بثلاثين سنة. توفي البيهقي رضي الله عنه بنيسابور في العاشر من جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وحمل إلى خسروجرد ، وهي أكبر بلاد بيهق ، فدفن هناك (١). رحمهالله رحمة واسعة بمقدار ما قدم من خير للاسلام والمسلمين.
وإذا كان ذلك كذلك فيطيب لنا أن نلقي بعض الأضواء على مصنفات هذا العالم الجليل.
المؤلفات والمصنفات
ألف الإمام البيهقي الكتب والمصنفات الكثيرة حتى يقال بأنه أوحد زمانه ، وفارس ميدانه ، وأحذق المحدثين ، وأحدهم ذهنا ، وأسرعهم فهما ، وأجودهم قريحة.
وقيل بأن تصانيفه بلغت ألف جزء ، من ذلك :
١ ـ السنن الكبرى والصغرى. يقول الإمام السبكي : فما صنف في علم الحديث مثلهما تهذيبا وترتيبا وجودة. واختصر الكبيرة إبراهيم بن علي المعروف بابن عبد الخالق الدمشقي في خمسة مجلدات ، وأيضا الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي. وأجاد فيه ، واختصره أيضا الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعراني.
وصنف الشيخ علاء الدين علي بن عثمان المعروف بابن التركماني الحنفي المتوفى سنة ٧٥٠ ه. كتابا سماه «الجوهر النقي في الرد على البيهقي» قال في أوله : الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ، ثم قال : هذه فوائد علقتها على السنن الكبيرة للبيهقي أكثرها اعتراضات عليه ومناقشات ومباحثات معه.
٢ ـ كتاب «المعرفة» المسمى «معرفة السنن والآثار» يقول عنه الإمام السبكي : لا يستغني عنه فقيه شافعي.
__________________
(١) راجع معجم البلدان ١ : ٥٣٨.