اختلافا بينا ، وما كان لهم أن يختلفوا ، لأن الاختلاف والتنازع يجب أن يكون بعيدا عن أبناء الأمة الاسلامية ، ولكن جاء الاختلاف من اتباعهم سنن من قبلهم ، وما أخذوه من ضلالات أهل الكتاب ، ولقد حفظت لنا السنن والآثار كيف أن اليهود جاءوا للرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقالوا له : يا محمد صف لنا ربك ...؟
فنزل قول الله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ* اللهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)
وبعد وفاة الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ جاء رجل الى الامام مالك وسأله عن قوله تعالى (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى).
كيف يكون الاستواء ...؟
فقال الامام الورع : «الاستواء معلوم والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة.»
ولكن المدارس الفكرية التي نشأت في تاريخ المسلمين شرقت وغربت وأخذت من تهويمات الهند ، وفلسفة الفرس ، وسفسطائية اليونان فانبهمت بهم السبل ، واختلفت المسالك.
ولما جاء الامام البيهقي ووضع كتابه القيّم الذي بين أيدينا فجمع الكثير من الشاردين ، ووضع الحق في نصابه ولكن بقيت بقية تهوى التفرق لا التجمع ، والانقسام لا الوئام ، فكانت ظلاما وضلالا ، ولكن الله سبحانه وتعالى مؤيدا لأتباعه وحافظا لدينا مصداقا لقوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).
وتشمل هذه المقدمة الآتي :
١ ـ نبذة مختصرة عن نشأة وحياة الامام البيهقي.
٢ ـ المؤلفات والمصنفات التي صنفها والاشارة الى بعض أماكنها ، وما اختصر منها أو شرح.
٣ ـ عملنا في هذا الكتاب.
٤ ـ دعوة الأمة الاسلامية الى تحكيم العقل ونبذ الخلافات واتباع الصراط المستقيم ، وتنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى حاكمين ومحكومين. وعلى الله قصد السبيل.