بلغنا أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونحن على ماء لنا ، فانطلقنا نحو الشجرة هاربين بعيالنا ، فبينا أنا أسوق بالقوم ، إذ وجدت كراع ظبي طريّ فأخذته فأتيت المرأة فقلت : هل عندك شعير؟ فقالت : قد كان في وعاء لنا عام أول شيء من شعير ، فما أدري بقي منه شيء أم لا ، فأخذته فنفضته ، فاستخرجت منه ملء كفّ من شعير ، فرضخته بين حجرين ، ثم ألقيته والكراع في برمة ، ثم قمت إلى بعير ففصدته إناء من دم ، ثم أوقدت تحته ، ثم أخذت عودا ، فلبكته به لبكا شديدا حتى أنضجته ، ثم أكلنا (١).
فقلت له : ما طعم الدم؟ قال : حلو. قال الأصمعيّ : ثنا أبو عمرو قال : قلت لأبي رجاء : ما تذكر؟ قال : أذكر قتل بسطام ، ثم أنشد : وخزَّ على الألاءة (٢) لم يوسَّد* كأن جبينه سيف صقيل قال الأصمعيّ : قتل بسطام قبل الإسلام بقليل. أبو سلمة التَّبوذكيّ : ثنا أبو الحارث الكرماني ـ ثقة ـ قال : سمعت أبا رجاء يقول : أدركت النبيّ صلىاللهعليهوسلم وأنا شابّ أمرد (٣) ولم أر ناسا كانوا أضلَّ من العرب ، كانوا يجيئون بالشّاة البيضاء فيقيّدونها ، فيختلسها الذّئب ، فيأخذون أخرى مكانها فيقيّدونها ، وإذا رأوا صخرة حسنة جاءوا بها وصلُّوا إليها ، فإذا رأوا أحسن منها رموها ، فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا أرعى الإبل على أهلي ، فلما سمعنا بخروجه لحقنا بمسيلمة (٤).
وقيل اسم أبي رجاء : عثمان بن تيم ، وبنو عطارد بطن من تميم ، وبلغنا أنّ أبا رجاء كان يخضب رأسه دون لحيته. قال ابن الأعرابيّ : كان أبو رجاء عابدا ، كثير الصلاة وتلاوة القرآن ، كان يقول : ما آسى على شيء من الدنيا إلّا أن أعفّر في التراب وجهي كلّ يوم خمس مرّات. وقال أبو عمر بن عبد
__________________
(١) العبارة ما بين الحاصرتين كلّها إضافة من حلية الأولياء ٢ / ٣٠٥.
(٢) بالأصل «الآلاة» ، والتصحيح من طبقات ابن سعد ٧ / ١٣٨.
(٣) الطبقات الكبرى ٧ / ١٣٨.
(٤) قارن بالطبقات.