وقال إبراهيم الحربي وغيره : كان أبو عمرو من أهل السنّة.
وقال أبو محمد اليزيدي ومحمد بن حفص : تكلم عمرو بن عبيد في الوعيد سنة فقال أبو عمرو : إنك لألكن الفهم إذ صيّرت الوعيد الّذي في أعظم شيء مثله في أصغر شيء فأعلم أن النهي عن الصغير والكبير ليسا سواء ، وإنما نهى الله عنهما ليتمّ حجّته على خلقه ولئلّا يعدل عن أمره ووراء وعيده عفوه وكرمه ، ثم أنشد :
لا يرهب ابن العم ما عشت صولتي (١) |
|
ولا اختتى (٢) من صولة المتهدّد |
وإنّي وإن أوعدته أو وعدته |
|
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي |
فقال له عمرو بن عبيد : صدقت إن العرب تمتدح بالوعد دون الوعيد وقد تمتدح بهما ، ألم تسمع إلى قول الشاعر :
لا تخلف الوعد والوعيد ولا |
|
تبيت من ثأره ، على فوت |
فقد وافق هذا قوله تعالى : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ) (٣) قال أبو عمرو : قد وافق الأول أخبار رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والحديث يفسّر القرآن.
قال الأصمعي : قال لي أبو عمرو : كن على حذر من الكريم إذا أهنته ومن اللئيم إذا أكرمته ، ومن العاقل إذا أحرجته ومن الأحمق إذا مازحته ،
__________________
(١) في المواهب الفتحية (ولا يرهب المولى ولا العبد صولتي).
(٢) انظر (المواهب الفتحية للشيخ حمزة فتح الله) حيث قال فيها : اختتى : تغيّر لونه من مخافة سلطان ونحوه أو انكسر من حزن أو فزع أو مرض فتخشع كختا يختو ولخفاء الفريق في مواضع من كلام العرب انتحل أهل البدع مذاهب لجهلهم باللغة. والشعر لعامر بن الطفيل ، والمختتي : الذليل. (تاج العروس).
(٣) قرآن كريم ـ سورة الأعراف ـ الآية رقم ٤٤.