بعض الحكمة من ترتيل القرآن ، وقراءته على هذا الوجه الذي ينفرد به عن قراءة أي كلام ، حيث يقول الله تعالى : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (٤ : المزمل) ويقول سبحانه : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً)! (١٠٦ : الإسراء) وقد امتثل النبي الكريم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ أمر ربّه ، فكانت قراءته ترتيلا منغما ، يأخذ فيه كل حرف مكانه فى الكلمة ، وتأخذ كل كلمة مكانها فى الآية ، دون أن يختفى حرف ، أو تضيع كلمة.
روى البخاري عن أنس ، أنه سئل عن قراءة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «كانت مدّا» ثم قرأ ـ أي أنس ـ «بسم الله الرحمن الرحيم» يمدّ الله ، ويمدّ الرحمن ، ويمد الرحيم» أي أنه يمثّل بهذا الأسلوب القراءة التي كان يقرأ بها النبي الكريم.
وعلى هذا ، فإن مجىء هذه الأحرف المقطعة فى بعض سور القرآن ، وفى مفتتح السور التي جاءت فيها ـ إن هذا أشبه «بالوحدة» التي يقوم عليها اللحن الموسيقى ، والتي يسرى صداها فى اللحن كله ، من أوله إلى آخره ، وإن تعددت أنغامه ، وخفتت أو علت أصداؤه.!
فليس من الضروري إذن أن يجتهد فى البحث عن معنى لهذه الأحرف المقطعة ، ولنا أن نحسبها مطلعا موسقيا ، تقوم عليه وحدة النغم فى ترتيل آيات السور التي بدئت بحرف أو حرفين أو أكثر.
____________________________________
آية (٢)
(ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (٢)
____________________________________
التفسير : «الكتاب» هو القرآن ، وتسمية القرآن كتابا إشارة إلى أن