فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ. وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) (١٧٥ ـ ١٧٦ : الأعراف).
ونحن ـ المسلمين ـ ماذا كان منا اليوم فى شأن هذا الكتاب الكريم الذي بين أيدينا؟
لقد أنزله الله علينا مائدة من السماء ، حافلة بالطيبات من الرزق ، محملة بالكريم الغدق من النعم!
فذالكم هو «القرآن الكريم» الذي وصفه الله سبحانه وتعالى بقوله : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٨٢ : الإسراء) .. والذي يقول فيه النبىّ صلوات الله وسلامه عليه : «القرآن مأدبة الله ، فتعلموا من مأدبته».
ففى مأدبة الله هذه .. الشفاء والرحمة .. وإن المائدة التي أعدّها الله للمسلمين ، ووضعها بين أيديهم ليست على شاكلة تلك المائدة التي أنزلها على بنى إسرائيل طعاما يغذّى الأجسام ، ويشبع البطون.
إن المائدة الممدودة للمسلمين ، مائدة يتغذى منها العقل والروح ، فتتخلق منها ملكات علوية ، ووجدانات ربانية. بها يسمو الإنسان ويعلو ، وبها ينتصر على هذا الضعف الإنسانى ، وينتصر على تلك النزعات الحيوانية ، المندسّة فى كيانه.
ولهذا يقول الرسول الكريم عن تلك المأدبة : «فتعلموا من مأدبته» ولم يقل : «فكلوا من مأدبته» .. ذلك أن القرآن مأدبة علم وحكمة وخلق ، وليس مأدبة معدة ، ولا طعام بطون!!