قوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ـ هو تحريض للمؤمنين عامة ، ولهؤلاء المذنبين خاصة على البذل والإحسان فى سبيل الله ، فإن إنفاق المال فى سبيل الله هو عدل الجهاد بالنفس ، وهو تطهير للمتصدق ، وتزكية له من الأوضار والآثام التي تعلق به.
ـ وفى قوله سبحانه : (مِنْ أَمْوالِهِمْ) إشارة إلى أن المطلوب بذله فى وجوه الإحسان من المال ، هو بعضه لا كلّه ، وفى ذلك رحمة بالناس.
ـ وفى قوله تعالى : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) ـ أكثر من إشارة :
فأولا : أن فى صلاة النبىّ على المتصدّق ، ودعائه له ، مجازاة عاجلة بالإحسان ، يجد المتصدّق أثرها فى نفسه ، وبردها على قلبه ، فيشيع فى كيانه الرضا ، وتملأ قلبه السكينة.
وهذا أدب ينبغى أن يتأدب المسلمون به ، فيلقون إحسان المحسن بالحمد والشكران ، فإن ذلك أقلّ ما يجزى به ، والله سبحانه وتعالى يقول : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) .. وبهذا تتفتح النفوس للخير ، وتسخو الأيدى بالإحسان ..
وثانيا : أن الإحسان فى ذاته جدير بأن يحمد للمحسن فى كلّ إنسان ، سواء أصابه شىء من هذا الإحسان أم لم يصبه ، فهو عمل طيب ، وصنيع مبرور ، وكما ينبغى على المؤمن أن ينكر المنكر لذاته ، كذلك يجب عليه أن يحمد المعروف لذاته .. وبهذا يشيع فى الناس الخير ، وتتكاثر أعداد المتعاملين به.